التي يتحاشى عن استعمالها ثلاثة أصناف المحلات والمبردات بالقوة والتي لها كيفيات مخالفة كالزنجار واسفيذاج الرصاص والنحاس المحرق وما أشبهها فهذا هو تفصيل اختبار الدواء بحسب طبيعة العضو وأما مقدار المرض فان الذي يكون مثلا حرارته العرضية شديدة فيحتاج أن تطفأ بدواء أشد برودة والذي يكون برودته العرضية شديدة فيحتاج إلى أن يسخنه أشد تسخينا وإذا لم يكونا قويين اكتفينا بدواء أقل قوة واما وقت المرض فان نعرف المرض في أي وقت من أوقاته مثلا الورم ان كان في الابتداء استعملنا عليه ما يردع وحده وان كان في المنتهى استعملنا ما يحلل وحده واما فيما بين ذينك فتخلطهما جميعا وان كان المرض حادا في الابتداء لطفنا التدبير تلطيفا معتدلا وان كان إلى المنتهى بالغنا في التلطيف وان كان مزمنا لم نلطف في الابتداء ذلك التلطيف عند الانتهاء على أن كثيرا من الأمراض المزمنة غير الحميات يحللها التدبير الملطف وأيضا ان كان المريض كثير المادة هائجا استفرغنا في الابتداء ولم ننتظر النضج وان كان معتدلا أنضجنا ثم استفرغنا وأما الاستدلال من الأشياء التي تدل بملائمتها فهو سهل عليك تعرفه والهواء من جملتها أولى ما يجب أن يراعى امره وهل هو معين للدواء أو للمرض (ونقول) الأمراض التي يكون فيها خطر ولا يؤمن فوت القوة مع تأخر الواجب أو التخفيف فيه فالواجب أن يبدأ فيها بالعلاج القوى أولا والتي لا خطر فيها يتدرج إلى الأقوى ان لم يغن الأخف وإياك ان تهرب عن الصواب لان تأثيره يتأخر وان تقيم على الغلط لان ضرره لا يتدبر ومع ذلك فليس يجب ان تقيم على علاج واحد بدواء واحد بل تبدل الأدوية فان المألوف لا ينفعل عنه ولكل بدن بل لكل عضو بل للبدن والعضو في وقت دون وقت خاصية في الانفعال عن دواء دون دواء وإذا أشكلت العلة فخل بينها وبين الطبيعة ولا تستعجل فان الطبيعة اما أن تقهر العلة واما أن تظهر العلة وإذا اجتمع مرض مع وجع أو شبيه وجع أو موجب وجع كالضربة والسقطة فأبدا بتسكين الوجع وان احتجت إلى التخدير فلا تجاوز مثل الخشخاش فإنه مع تخديره مألوف مأكول وإذا بليت بشدة حس العضو فاغذ بما يغلظ الدم جدا كالهرائس وان لم تخف التدبير فاغذ بالمبردات كالخس ونحوه واعلم أن من المعالجات الجيدة الناجعة الاستعانة بما يقوى القوى النفسانية والحيوانية كالفرح ولقاء ما يستأنس به وملازمة من يسربه وربما نفعت ملازمة المحتشمين ومن يستحيا منهم فمنعت المريض عن أشياء نضرة ومما يقارب هذا الصنف من المعالجات الانتقال من بلد إلى بلد ومن هواء إلى هواء والانتقال من هيئات إلى هيئات وتكلف هيئات وحركات يستوى بها عضو ويصير بمزاج مثل ما يكلف الصبي الأحول من النظر الشديد إلى شئ يلوح له ومثل ما يكلف صاحب اللقوة من النظر في المرآة الضيقة فان ذلك ادعى إلى تكلف تسوية وجهه وعينيه فربما عاد بالتكلف إلى الصلاح ومما يجب أن تحفظه من القوانين أن تترك المعالجات القوية في الفصول القوية ما استطعت من مثل الاسهال القوى والكي والبط والقئ في الصيف والشتاء ومن الأمور التي تحتاج في علاجها إلى نظر دقيق أن يجتمع في مرض واحد استحقاقان متضادان ويستحق المرض مثلا تبريد أو سببه تسخينا مثل ما تقضى الحمى تبريدا والسدد التي يكون سببا اللحمي تسخينا أو بالعكس وكذلك ان يستحق المرض مثلا تسخينا
(١٩٠)