ملك (يوشيا) وطهر بيت المقدس وأراد ترميمه جاء (حلقيا) الكاهن بكتاب يزعم أنه سفر التوراة، وقد وجده فقرء فيه (يوشيا) ما لم يكن يعرفه ولا يعهده فطار به فرحا، واحتفل به هو وبنو إسرائيل احتفالا عظيما إذ سمعوا منه ما لم يكونوا يعرفونه ولا يعهدونه مع أن العادة والاعتبار الصحيح يمنعان أن يكون (حلقيا) وجده في المكان الذي زعم أنه وجده فيه، فمن ذلك الزمان تكون توراة بني إسرائيل هي بنت (حلقيا) المولدة في حجره.
ثم تمادى بنو إسرائيل بعد ذلك في تقلباتهم في الشرك إلى أن سباهم (بخت نصر) إلى بابل، فقضى ذلك عليهم أن أثكلهم توراة (حلقيا) أيضا حتى أنهم لما رجعوا من السبي بعد دهر طويل فزعوا في إعادة ذكرها وتجديد اسمها إلى (عزرا) فصار يقرء عليهم جميعا ما لا يعرفونه ولا عهد لواحد منهم به، فلبس اسمها ثوب الوجود بعد العدم أيضا.
وقد ذكرنا هذا كله مفصلا، وذكرنا مكابرات المتكلف فيه وبينا شططها في الجزء الأول (صحيفة 56 - 60).
ونذكرك أيضا بما ذكرناه في المقدمة السادسة من وجوه الخلل، وخصوص شهادة (ارميا) النبي على بني إسرائيل بتحريف كلا الله وتحويلهم توراة الله إلى الكذب بكذب قلم الكتبة واستغاثة (أشعيا) النبي من تحريف اليهود واستعظامه لذلك، وخصوص ما ذكرناه من تحريف المطابع والتراجم فراجع الجزء الأول وخصوص الصحيفة 68 - 70.
ونذكرك أيضا بما مر في متفرقات الكتاب، مما يمتنع من كتب العهد القديم أن يكون من الوحي الإلهي كما أوضحه البرهان، ونستلفت نظرك إلى ما يأتي من هذا القبيل.
ونذكرك أيضا بما حكينا في الجزء الأول (صحيفة 325) عن بعض المفسرين المدققين في حكمه بأن قصة (بلعام) المذكورة في سفر العدد (ص 22 - 24) هي دخيلة في التوراة، أي ليست منها وإنما أدخلها عبث الكذب.
ونستلفت نظرك إلى ما نقله إظهار الحق في الباب الثاني عن مفسري