واعترض المتكلف على الآيات السابقة من سورة فصلت أيضا فقال (يه 2 ج ص 108) ومن طالع الإصحاح الأول من سفر التكوين وجد أغلاطا جمة في عبارة لقرآن.
ففي اليوم الأول خلق الله النور وفي اليوم الثاني خلق الله الجلد وفي اليوم الثالث خلق الله الأرض وجعلها تنبت العشب وفي اليوم الرابع خلق الشمس وفي اليوم الخامس خلق الله الطيور والزحافات وفي اليوم السادس خلق الله البهائم والوحوش وغيرها وفي اليوم السابع خلق الله الإنسان، كما هو مذكور بالتفصيل في الإصحاح الأول من سفر التكوين.
قلت: (أولا) إن أردت أن تعرف حال التورية التي يعترض بها فانظر إلى ما ذكرنا في الصدر والتمهيد مع ما أشرنا إليه في الجزء الأول لكي تعرف ما هي عليه من تعدد مواليدها ومسمياتها، ونشوءها، وأحوالها، وأسقامها وإنكار المفسرين المدققين لمضامينها وصراحتها، وشهادة جملة من المفسرين بزيادتها ونقصانها، وإعراض قارئيها ومترجميها عن صورتها المشوهة بالغلط والنقصان.
ودع عنك ما ذكرنا في متفرقات الكتاب مما تتيقن منه بأن هذه الصورة الموجودة لا تعرف كليم الله موسى عليه السلام ولا يعرفها.
(وثانيا) إن أردت تعرف مقدار معرفة المعترض فانظر إلى جهله بتوراته فإنها تقول: إن اليوم الثالث قال الله فيه: لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة، وكان كذلك ودعى الله اليابسة أرضا، ومجتمع المياه بحارا (تك 1، 9 و 10)، وهذا لا يدل إلا على أن الأرض كانت مخلوقة موجودة ولكنها مغمورة بالمياه، فأمر الله المياه أن تنحسر عنها لكي تظهر بعد الانغمار.
وزيادة على ذلك أن توراته قد ذكرت قبل ذلك أن الأرض كانت خربة وخيالية، وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرفرف على وجه المياه، وقال الله ليكن نور، ودعا الله النور نهارا والظلمة ليلا، وهو اليوم الأول (انظر تك 1، 2 - 6)، وهذا يدل على أن الأرض مخلوقة قبل خلق النور في اليوم الأول.
وأن قوله وفي اليوم السابع خلق الله الإنسان إنما هو أيضا جهل بصراحة