توراته في هذا المقام وغيره، فإنها تقول إن الله خلق الإنسان في اليوم السادس (تك 1، 26 - 31)، وأن الله تعالى فرغ في اليوم السابع واستراح من عمله (تك 2، 2 و 3) وتقول في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحار وكل ما فيها واستراح في اليوم السابع (خر 20، 11 و 23، 17).
(وثالثا) إن أردت أن تعرف تنافي التوراة واضطرابها في المقام الذي يعترض به فاعرف ذلك أقلا من أربعة موارد:
1 - قد تقدم أن توراته تدل على أن الأرض كانت خربة وخالية قبل خلق النور الذي حدث منه اليوم الأول وأنها في اليوم الثالث ظهرت من تحت الماء بسبب اجتماع المياه إلى مكان واحد، وهذا مناف لقولها فأكملت السماوات والأرض وكل جندها وفرغ الله في اليوم السابع.
وقولها هذه تولدات السماوات والأرض عند خلقها (تك 2، 1 و 4) فإنها لم تؤرخ خلق الأرض، بل مقتضاها أن خلق الأرض قبل الستة أيام، وقبل خلق النور الذي تميزت به الأيام.
2 - وإذا كان خلق الأرض هكذا وظهورها من الماء في اليوم الثالث وذكرت خلق السماء في اليوم الثاني، فهذا معا مناف لقولها هذه تواليد السماوات والأرض عند خلقها بيوم عمل الرب الإله الأرض والسماوات، فكيف تجمع خلقهما بيوم واحد مع أنها تذكره في أيام متفرقة.
3 - ذكرت أن الله جلت قدرته في اليوم الأول خلق النور وفصل بين النور والظلمة ودعا النور نهارا، والظلام ليلا وكان مساء وكان صباح، وهذا مناف لقولها إن الله في اليوم الرابع خلق الأنوار لتفصل بين الليل والنهار ولتحكم على الليل والنهار وتفصل بين النور والظلمة (تك 1، 4 - 19).
4 - ذكرت أن الله أنبت العشب والبقل والشجر المثمر في اليوم الذي عمل فيه الأرض بأن أظهرها من تحت الماء وهو اليوم الثالث (تك 1، 9 - 13) وهذا مناف لقولها كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض وكل عشب البرية لم ينبت بعد في الأرض، لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان