فهل تراها بعد ذلك تصلح للاعتماد عليها في شئ؟ خصوصا مع ما ذكرته أنت في الصحيفة 32 و 33 من الجزء الأول وأن التوراة أهملت أهم أمور إبراهيم بالذكر وهو حياة إبراهيم وإيمانه ونبوته في وطنه فيما بين النهرين.
وذكرت أنها بمقتضى العهد الجديد قد خالفت الحقيقة حيث إن ظهور الله لإبراهيم وهو فيما بين النهرين قبل أن سكن في حاران وقبل أمر الله له بالهجرة من أرضه ومن عشيرته قد حولته التوراة إلى حاران فغيرت وبدلت.
يا عمانوئيل إن توراة حلقيا أو غيره هذه التي ذكر في الجزء الأول ما فيها من الدواهي والمنافيات لجلال الله وقدسه هل يعترض بها على الحقيقة لو صرحت بخلافها؟ فكيف وغاية ما يتشبث به منها أنها لم تذكر مكة ولا مسير إبراهيم وإسماعيل إليها. يا عمانوئيل كيف يسمح آباء هذه التوراة أن يذكروا فيها فضل مكة وإسماعيل؟!
عمانوئيل: ويقول هؤلاء: إن التوراة التي لا نعلم بوجود إسماعيل إلا منها قد ذكرت أن إسماعيل لما طرد من بيت أبيه سكن في برية حاران وهي ببرية سينا بين مصر وبلاد ثمود.
الشيخ: ألم تذكروا في الصحيفة 51 و 52 من الجزء الأول أن هاشم العربي والغريب ابن العجيب قد كذبا على التوراة في شأن إسماعيل فزادا فيها لفظه (أتى) لأجل أن يمنعا بالتمويه سكنى إسماعيل في مكة مع أن هذه اللفظة لو كانت موجودة في توراتهم لما كان لها أثر في المنع. إذن فكيف يأمل هاشم أن يصدقه أحد فيما يدعيه في برية فاران.
يا عمانوئيل إن الجزء الثاني من كتاب الهدى من الصحيفة 95 إلى 104 قد أوضح أن قول التوراة بأن إسماعيل سكن في برية فاران لا ينافي سكناه في مكة فراجعه فإن هاشم قد موه الكلام ههنا لو أن هذه