فهل يصح لأحد أن يتشبث بكتابة هاتين الجماعتين ويقول ويكتب إن هذا الهيكل الذي في أورشليم ليس بناء سليمان لأجل عبادة الله التوحيدية بل أسس بنيانه لأجل الأوثان والعبادة الوثنية وهل يصح أن يعارض بهذا تاريخ الأمة الإسرائيلية المتسلسل من الآباء للأبناء بأن هذا الهيكل هو بناء سليمان لعبادة الله وحده.
هل تجد جماعة أو واحدا من المؤرخين كتب في كتابه المعلوم النسبة إليه أنه مر بأرض مكة بعد موت إبراهيم وإسماعيل بسنة أو عشر سنين أو قرن فوجد أرض مكة ليس فيها أثر الكعبة ولا مقام ولا ساكن.
أو هل تجد واحدا من المؤرخين كتب أنه مر بأرض مكة قبل زمان إبراهيم فوجد فيها الكعبة مبنية على رسمها وهي محل لأصنام الصابئين، من أين يوجد ذلك وكيف يكون ذلك في وسط جزيرة العرب المنقطع ومن ذا يدعي بأمانته ذلك سوى من عرفنا حاله من أمثاله وهاشم العربي، والغريب ابن العجيب، وكامل العيتاني، والذين طبعت كتب هؤلاء بمساعيهم.
لو افترضنا وجودا لواحد أو اثنين وثلاثة من مثل المؤرخين المذكورين وعلمنا بنسبة كتبهم إليهم وخصوص تاريخهم لبناء الكعبة قبل إبراهيم أو عدم وجودها إلى ما بعد موته لما كان ذلك شيئا يعارض تاريخ العرب المتسلسل بتسالم ألوف الألوف في كل جيل من أجيالهم في مبدء الكعبة وبانيها وهو إبراهيم الذي حفظت في أجيالهم آثاره الخالدة مع اختلافهم في النزعات والقوميات وتحاسدهم وتنافسهم على أسباب الشرف حتى إن كل قبيلة منهم استقلت بعبادة صنم مختص بها لئلا تخضع في شرفها للقبيلة الأخرى المتولية لإدارة الصنم الآخر.
ولعلك تقول يوجد في الرحلة الحجازية الخديوية أن مؤلفها البتنوني (1) صحيفة 96 سطر 2 يقول: (كانت الكعبة قبل الاسلام