المروية في العلل والمحاسن وهو هكذا قال (عليه السلام): " أو تدري لم صار هكذا؟ قلت لا قال (عليه السلام): لأن التقصير لا يكون إلا في بريدين، ولا يكون في أقل من ذلك، فلما كانوا ساروا بريدا وأرادوا أن ينصرفوا بريدا، كانوا قد ساروا سفر التقصير، وإن كانوا قد ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم إلا إتمام الصلاة " (1) الخبر.
وهذا بمجرده لا يدل على اعتبار الاستمرار إذ كما أن القصد شرط كذلك سير أربعة فراسخ حتى يكون بالرجوع ثمانية. فمن الممكن أن يكون الفارق أن ما قطعه البالغ أربعة عن قصد ابتداء حيث كان يرجع أربعة فقد حصلت المسافة المعتبرة، وإلا فلا، كما هو ظاهر قوله (عليه السلام): " لأن التقصير لا يكون إلا في بريدين " ومجرد ذكر الإرادة في قوله (عليه السلام): " وأرادوا أن ينصرفوا " لا يدل على دخل الإرادة المذكورة في وجوب القصر، فإنه من المتعارف في التعبير عن الأفعال الاختيارية. نعم في فقرة أخرى بعد التعليل وهي " قلت: أليس قد بلغوا الخ " شهادة على اعتبار الاستمرار كما سيجئ إن شاء الله تعالى بيانه عن قريب.
ومما ذكرنا يتبين الاشكال في التعليل الوارد في صحيحة أبي ولاد، هو:
" لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك " الخبر. أي برجوعك لا بقصد الرجوع، فما نسب إلى المحقق السبزواري (2) (قدس سره) في الذخيرة " من أن الحجة على اعتبار الاستمرار غير واضحة عندي ". وكذا ما نسب (3) إلى صاحب المدارك من أن الأصحاب لم يوردوا عليه دليلا، ليس منهما من باب الغفلة عن الخبرين أو عن دلالتهما وإن كان الحكم مشهورا بل ادعي عليه الاجماع.