نعم بناء على انتهاء سفر المعصية بزوال قصد المعصية وحدوث موجب القصر بمجرد قصد الطاعة، يبقى الكلام في اعتبار حد الترخص هنا ومع اعتباره يلغو حديث كفاية قصد الطاعة أو لزوم التلبس بالسفر، إذ مع اعتبار حد الترخص يكون التلبس لازما لا لاعتباره في تحقق السفر، بل في تحقق وجوب القصر وسيجئ إن شاء الله تعالى أن حد الترخص في السفر من المنزل وما نزل منزلته من الإقامة والتردد ثلاثين يوما لا في كل مبدأ لما يجب فيه القصر. وإطلاق قوله (عليه السلام) " فإذا مضوا قصروا " في خبر منتظر الرفقة (1) بعد حصول التردد الموجب للاتمام شاهد على عدم اعتبار حد الترخص في نظير المقام ما هو مبدأ وجوب التقصير. وبقية الكلام فيما بعد إن شاء الله تعالى.
المبحث الثالث: فيما إذا أنشأ سفرا مباحا ثم قصد عنوانا محرما أو غاية محرمة ثم عدل إلى ما قصده أولا من الغاية المباحة مثلا ففي لزوم كون الباقي مسافة شرعية، أو كفاية كون السابق واللاحق المباحين باسقاط المتخلل في البين مسافة، أو كفاية كون المجموع مما سار بقصد الطاعة والمعصية مسافة وجوه، بل أقوال.
وجه الأول: ما تقدم من توهم اعتبار استمرار القصد حقيقة بضميمة اعتبار إباحة المقصود المعتبر فيه الاستمرار.
ووجه الثاني: ما تقدم من عدم الدليل على اعتبار استمرار القصد حقيقة، بل اللازم كون ثمانية فراسخ مقصودة، وقطعها عن قصدها إلى الآخر لبقاء السفر على وحدته بعدم تخلل أحد القواطع الثلاثة فراجع ما تقدم.
ووجه الثالث: أن المجموع مسافة مقصودة، والإباحة والحرمة يوجبان تبعض المسافة في أحكامها من القصر والاتمام فما دامت هذه المسافة مباحة يحب القصر، وإذا حرمت وجب الاتمام وإذا كانت مباحة أيضا وجب القصر وقواه الفاضل النراقي (قدس سره) (2) ومال إليه بعض أجلة العصر (رحمه الله) (3) لولا مخافة