إلى محل الإقامة فإن المتردد في أثناء الثلاثين مسافر حقيقة، ومع عدم تخلل العدم لا يعقل إنشاء سفر جديد، كما إنه حيث لا إقامة، ولا ما بحكمها، فلا يعقل الارتحال، فلا يعقل الخروج لا بعنوان إنشاء سفر جديد، ولا بعنوان الارتحال، فإن عدمهما بنحو العدم بالنسبة إلى الملكة، لا السلب المقابل للايجاب.
ثانيها: ظاهر جملة من الروايات، اعتبار مضي شهر مترددا، وظاهر بعضها اعتبار مضي ثلاثين يوما. ومن الواضح أن الشهر هو ما بين الهلالين، ولا جامع بينه وبين ثلاثين يوما بالنسبة إلى ما بين الهلالين. وأما بالنسبة إلى العدد فلا جامع بين مراتب العدد، فلا جامع بين ثلاثين وتسعة وعشرين. فلا مناص من كون الشهر حقيقة في خصوص ما بين الهلالين مجازا في خصوص الثلاثين، أو مشتركا لفظيا بينهما ومن الواضح أن رواية الثلاثين صالحة لأن تكون قرينة على التجوز، أو على التعيين، خصوصا بملاحظة قوله (عليه السلام): " فليعد ثلاثين يوما " (1) فإنه لا عد إلا في العدد، ولا عد فيما بين الهلالين بما هو بين الطلوعين، فلا يمكن دعوى إرادة الشهر منه بلحاظ أن الغالب كونه ثلاثين مع أنه لا غلبة، وعلى فرضه فلا غلبة في مرحلة الاستعمال. مضافا إلى دعوى الاتفاق على أن الشهر في مقام التلفيق والكسر يعتبر ثلاثين يوما، وإن محل الخلاف ما إذا كان مبدء تردده أول الشهر، ولا يمكن تنزيل إطلاقات الشهر على هذا الفرد النادر، كما لا يمكن التحفظ على إرادة ما بين الهلالين مطلقا فتدبر.
ثالثها: ظاهر الكلمات جريان تمام ما ذكر في الإقامة في مسألة الخروج إلى ما دون المسافة فيما بعد مضي ثلاثين يوما وانقطاع السفر به، فمع إنشاء السفر الجديد يقصر بشرائطه، مع عدمه والعزم على العود في محل تردده لا يقصر على التفصيل المتقدم، إلا أن الكلام في قاطعية مضي الثلاثين للسفر موضوعا لما مر في أخبار الإقامة، أن مجرد الأمر بالاتمام المشترك هناك وهنا لا يدل إلا على ارتفاع القصر، وهو حكم السفر وأن قاطعية موضوع السفر تحتاج إلى تنزيل مضي