فيجب عليه القصر بمجرد خروجه ذهابا وإيابا إلى أن يصل إلى وطنه ويرافقه الظهور البدوي من صحيحة أبي ولاد حيث جعل غاية وجوب الاتمام مجرد الخروج من محل الإقامة. ولعل من ينسب إليه القصر مطلقا يذهب هذا المذهب.
ثانيها: إنه قد تقدم في مسألة التلفيق إن ضم الذهاب إلى الاياب مشروط بأن لا يكون الذهاب والإياب أقل من أربعة، بل قد تقدم أن الاياب وإن كان وحده بالغا للمسافة الشرعية لا يضم إليه الذهاب إذا كان أقل من أربعة، وأن مبدأ القصر حين الأخذ في الاياب. وكلا الحكمين مما عليه المشهور، بل ربما يدعى عليه الاجماع. فالقول بالقصر في الذهاب بعد الاعتراف بقاطعية النية للسفر موضوعا، لا يصح إلا مع القول بالتلفيق مطلقا كما قربناه سابقا ولم نذهب إليه لدعوى الاجماع من غير واحد على خلافه.
نعم من يذهب إلى التلفيق فيما إذا كان الاياب وحده مسافة كالمحقق الكاشاني (1) (رحمه الله)، له أن يقول بالقصر هنا في مثل هذا الفرض برجوعه إلى محل الإقامة من طريق أبعد يبلغ المسافة.
ثالثها: أن الإقامة كما قدمنا ليست مجرد المكث في مكان، بل اتخاذ محل مقرا ومستقرا ومحطا لرحله، ويقابله الارتحال عنه لا مجرد الخروج عن ذلك المحل، وكما أن الخروج عنه بمجرده لا ينافي بقاء الإقامة كذلك مجرد العود إليه بعد الارتحال عنه ليس عودا إلى مقره ومستقره بل عود إلى ممره إلى وطنه. وعليه إذا خرج من محل إقامته لا بقصد الارتحال الذي هو ضد الإقامة ليس مسافرا بسفر جديد، وكذا إيابه ليس سفرا إلى محل إقامته حتى يحتسب جزءا من المسافة بضمه إلى المسافة من محل إقامته إلى وطنه بخلاف ما إذا ارتحل عن محل إقامته فإنه مسافر بسفر جديد من محل إقامته إلى مقصده ومنه إلى بلده مارا إلى محل إقامته.
ومما ذكرنا يتضح ما في بعض كلمات الشيخ الأعظم (قدس سره) " من أن الاياب إلى محل الإقامة ومنه إلى وطنه سفر واحد، وليس السفر الفلاني عنوانا