الإقامة غير مشروطة بفعل صلاة تامة وأما إذا صام وعدل في أثناء الصوم فالكلام فيه تارة من حيث تأثير العدول في ارتفاع أحكام الحاضر وعدمه، وقد مر أنه يؤثر حيث إنه قبل فريضة تامة، وأخرى من حيث صحة نفس الصوم وفيه وجوه بل أقوال: قول بصحته مطلقا، وقول ببطلانه مطلقا، وقول بالتفصيل بين العدول قبل الزوال، فلا يصح وبعد الزوال فيصح.
أما وجه الصحة مطلقا فهو إن نية الإقامة غير مشروطة بفعل صلاة تامة، ولا بعدم العدول فيما بعد. وعليه فينعقد الصوم صحيحا وحيث إن الصوم لا يتبعض صحة وفسادا فلا بد من صحته إلى الآخر وليس مثل الصلاة فإنه مع عدم التجاوز عن الركعتين يجب عليه إتمامها قصرا، ومع التجاوز لا يمكن إتمامها قصرا لفرض التجاوز، ولا تماما لتبدل حضوره بسبب العدول ولا تعم الصحيحة للصوم لأن موردها تأثير العدول في القصر والاتمام، ولا تعم أخبار السفر قبل الزوال لأن ظاهرها إنشاء السفر قبل الزوال لا مجرد زوال حضوره.
وأما وجه البطلان مطلقا: فلأن الحضور التنزيلي ليس بأقوى من الحضور الحقيقي فكما أنه إذا سافر قبل الزوال ينكشف بطلان صومه من الأول فكذا مع زوال نية الإقامة قبل الزوال، فلا موجب للالتزام بانعقاده صحيحا حتى يرد محذور التبعض، فحيث إنه يكون العدول هادما للأثر من حينه والصوم لا يتبعض، نقول بأنه يجب الالتزام بعدم انعقاده حيث إنه غير قابل لاتمامه مع زوال نية الإقامة قبل الزوال. والصحيحة وإن كانت في مورد الصلاة إلا أنه بالملازمة بين القصر والافطار، والاتمام والصيام، يكون حال الصوم حال الصلاة. وأما عدم صحة إتمامه بعد الزوال فلقصور أدلة الاتمام بعد الزوال لظهوره في إنشاء السفر بعده لا تبدل حضوره بعد الزوال.
وأما وجه التفصيل بين العدول قبل الزوال والعدول بعده فنقول: مقتضى الصحيحة بضميمة الملازمة بين القصر والافطار، ثبوت الافطار بالعدول قبل فريضة تامة، ولم يقيد هذه الملازمة إلا بالسفر بعد الزوال، فالعدول قبل الزوال مؤثر في بطلان الصوم لمكان الملازمة، لا لأخبار السفر قبل الزوال حتى يناقش في