كل منهما.
وأما مخالفة القول بالانفساخ قبل التلف للقاعدة العقلية الحاكمة ببطلان الجزء الذي لا يتجزئ فتقريبها بتوضيح مني: أنه لو قلنا بالبطلان بالتلف فلا شئ حتى يقال في أي آن يفرض وقوعه، ولو قلنا بالانفساخ من رأس فالآن الذي تعين بوقوع العقد فيه ينفسخ في ذلك الآن المتعين سواء كان قابلا للتجزئ أم لا، ولو قلنا بالغرامة فالآن الذي يقع فيه التلف يحكم فيه بعينه بالغرامة، بخلاف ما لو قلنا بالانفساخ قبل التلف فإن الضرورة حيث كانت تتقدر بقدرها فلا محالة يفرض وقوع الانفساخ في الآن المتصل بآن التلف، وذلك الآن قابل للقسمة، فالمتصل منه أيضا قابل للقسمة، فإذا قسم قسمين فالمتصل منهما أيضا قابل للقسمة، فلا يتعين شئ من الآنات لعدم تناهيها، لكونه متصلا بآن التلف.
وتندفع هذه الشبهة: بأن الجزء الذي حكموا ببطلانه إنما هو بحسب الأعم من القسمة الفكية والغير الفكية أي الخارجية والفرضية، إذ من الواضح أن ما في الخارج المحدود بحدين لا يمكن أن يكون غير متناه، وإلا لزم تحديد الغير المتناهي وهو خلف، وإذ كانت القسمة الفعلية الخارجية متناهية فبوجدان خارجي غير قابل للقسمة الخارجية الفعلية، وإن كان قابلا للقسمة الفرضية الوهمية، والانفساخ خارجا كسائر الخارجيات لا يحتاج إلا إلى وعاء فعلي خارجي، فالعقد مثلا كما يقع في آن خارجا وإن كان ذلك الآن بحسب القسمة غير متناه ولم يلزم وقوع المتناهي في غير المتناهي فكذا انفساخه، فتدبر جيدا.
ونظير هذا الاشكال في المخالفة للقاعدة العقلية (1) اشكال آخر ذكروه في تقوية جانب القول بالغرامة، من أن الانفساخ بالتلف المتأخر يلزمه تقدم المعلول على العلة وهو محال، بخلاف الغرامة فإنها معلولة للتلف وتحدث بحدوثه فتقارنه زمانا، وإن كان التلف متقدما عليها تقدما بالعلية.
ويندفع هذا الاشكال: بأن سببية التلف أو شرطيته غير مفروضة لا بحسب لسان