النحوين مع انحصار التعين عقلا في أحد التعينين من الوجودي والماهوي يستحيل تقويمه، وما يستحيل تقويمه يستحيل تقسيط الثمن عليه، وعليه فالفائت من حيث جزئه الجوهري أي ذات المتكمم يستحيل تقومه، ومن حيث جزئه العرضي أي نفس الكمية فهو عرض محض، ولا يقابل بالمال كسائر الأوصاف، بل يوجب تخلفه الخيار، هذا توضيح مرامه من كلامه (زيد في علو مقامه).
والجواب: أن الفائت وإن لم يكن له تعين وجودي ليتعين جودته وردائته ونحوهما، ولا له تعين ماهوي من حيث عدم التساوي إلا أن المنفي هو التعين من حيث خصوص الجودة أو خصوص الرداءة، وأما التعين من حيث كونه جزء مما فيه الجيد والردئ فلا موجب لنفيه، والمفروض أن المبيع بحسب فرض المتعاملين عشرة أمنان من الحنطة المختلطة، أو عشرة أذرع من الأرض المختلفة الأجزاء بالسهولة والحزونة، والفائت خمسة أمنان من تلك الحنطة المفروضة، وخمسة أذرع من الأرض المتعينة بهذا التعين فكيف يستحيل تقومه؟!
ومما ذكرنا يندفع اشكال جهالة القيمة، وإن كان لا تصل النوبة إلى محذور الجهالة مع فرض الاستحالة، وأما حديث لزوم جهالة الثمن في ابتداء العقد فإنما يصح إذا كان اللازم معرفة ما يقع واقعا ثمنا لما يكون مبيعا واقعا، فإن ما وقع مبيعا وثمنا له هو الموجود، لاستحالة وقوع المعاوضة واقعا بين المعدوم والموجود.
وهذا غير صحيح قطعا، بل اللازم معرفة ما هو مبيع وما هو عوض له في مرحلة العقد بحسب بناء المتعاملين، وهي عشرة أذرع من الأرض مثلا وعشرة دنانير، ولا جهالة في شئ منهما، فلا اشكال إلا في مرحلة التقسيط بلحاظ استحالة التقويم وقد مر دفعه.
ثالثها: ما إذا تبين الزيادة في متساوي الأجزاء، والكلام فيه تارة في أن الزيادة للبائع أو للمشتري، وأخرى في الخيار للبائع أو للمشتري أولهما.
أما الأول: فإن قلنا بأن المبيع هي ذات الأرض الشخصية، والكم الخاص شرط محض، فالزيادة على المقدار المشترط للمشتري ولا تخلف إلا للوصف، وإن قلنا