من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) * (1).
كان للأخلاق الكريمة التي عرف بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) - خاصة حلمه ولينه - في تعامله مع عرب الجاهلية المعروفين بفظاظتهم دور بالغ الأهمية في اجتذابهم وتنظيمهم من أجل تشكيل النواة الأولى للحكومة الإسلامية في العالم. ولولا تلك الجاذبية لأفرده الناس من غير شك كما توسم القرآن الكريم ذلك. قال الشاعر جلال الدين الرومي ما ترجمته:
أنقذ أناسا كثيرين من القتل بسيف حلمه، سيف الحلم أقطع من سيف الحديد، بل هو يحقق نصرا لا يحققه مائة جيش.
يوصي الله تعالى نبيه الكريم أن يعفو عن أخطاء أمته، وأن يشاورهم في الأمور المختلفة تنشيطا لجاذبيته الأخلاقية أكثر فأكثر.
وبلغ (صلى الله عليه وآله) الكمال المطلوب بتعليم الوحي الإلهي وتربيته له حتى بز جميع القادة الربانيين، فأثنى عليه ربه جل شأنه بقوله:
* (وإنك لعلى خلق عظيم) * (2).
لا جرم أننا لا يمكن أن نجد بين قادة التاريخ البشري من أحبه الناس وتعلقوا به ونفذ حبه في أعماق قلوبهم وضمائرهم كرسول الله (صلى الله عليه وآله). ومن هنا اتهمه الأعداء بالسحر، وهذه التهمة دليل حسن على إثبات جاذبيته الأخلاقية ونفوذه الخارق في نفوس الناس.
قال ابن أبي الحديد:
"... فإنه كان لا يسمع أحد كلامه إلا أحبه ومال إليه، ولذلك كانت قريش تسمي المسلمين قبل الهجرة: " الصباة "، ويقولون: نخاف أن يصبو الوليد بن