وأكد لهما في آخر كلامه أن هذه السياسة هي عين سياسة النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنه لن يعدل عنها فيهم وفي غيرهم (1).
هذه السياسة - وإن ولدت متاعب كثيرة لحكومة الإمام (عليه السلام) - كانت ناجحة مع ما رافقتها من مصاعب، وذلك بسبب دورها الأساس في تبيين أهداف الحكومة الإسلامية ودعم الناس لها. ولم يخش الإمام (عليه السلام) الصعاب، وما كان مهما عنده هو إمكان الوقوف بوجه الزيغ والانحراف، وهو ما يتكفل الدعم الجماهيري بتوفيره له.
أما مواجهة الانحرافات التي كانت قد اتخذت طابعا دينيا في المجتمع الإسلامي وألفها الناس عدد سنين فلم تتيسر يومئذ، لأنها على عكس مواجهة الانحرافات من القسم الأول، فهذه تسبب سخطا عاما وتوهي أركان الحكومة الإسلامية.
بعبارة أخرى: المواجهة العاجلة الطائشة للانحرافات التي غدت سنة في المجتمع الإسلامي لا تؤدي إلى تصحيحها، بل تولد انحرافا أكبر منها، وهو سقوط الحكومة الربانية.
وقد كشف الإمام (عليه السلام) عن هذه الحقيقة المرة لأحد أتباعه المقربين، وهو عامر بن واثلة، وأقسم أنه لا يستطيع أن يخبر الناس بالحقائق التي يعرفها من الإسلام، ولو أخبره بشئ منها فلا يلبث أن يبقى معه إلا أفراد قلائل منهم (2).
وفي كلام خاص له (عليه السلام) لطائفة من أهل بيته وخاصة أصحابه، قدم توضيحا أكثر حول الانحرافات والبدع الجارية في المجتمع الإسلامي، وصعوبة مقارعتها أيضا.
وحلل فيه أصل الانحرافات الطارئة في المجتمع الإسلامي، وقال:
"... إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله