الناس يحبون من كان سباقا في العمل بما يقول ويدعو الناس إليه، ويتفاعلون مع قيادته من الصميم. وإن أحد البواعث المهمة على جاذبية النبي (صلى الله عليه وآله) ونفوذه وقاعدته الشعبية بين أتباعه هو أنه كان سباقا إلى العمل بجميع الشعارات التي كان ينادي بها.
إذا كان ينادي بشعار التوحيد فهو أول الموحدين، ولم يعتمد إلا على الله في حياته الفردية والاجتماعية والسياسية، حتى أنه لم يستعن بالمشركين في أحلك الظروف التي مر بها.
وإذا كان يدعو الناس إلى العبادة وإقامة الليل فهو أكثرهم عبادة، حتى أراد الله تعالى منه أن لا يشق على نفسه كثيرا:
* (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) * (1).
وإذا كان ينادي بشعار العدالة فهو أول الناس في تطبيقها على نفسه وأولي قرباه.
حتى أنه عندما كان يجلس بين أصحابه يعدل في تقسيم نظراته بينهم. وإذا كان يرفع شعار دعم المستضعفين فهو كأحدهم في عيشه.
يقسم الإمام الباقر (عليه السلام) بالله أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ بعثته حتى وفاته (2)، في حين كان قادرا أن يعيش حياة الدعة والنعيم والرخاء.
بيد أنه كان يؤثر الآخرين على نفسه وعلى عائلته.
قال أبو هريرة:
" ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهله ثلاثا تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا " (3).
قال عمر:
" استأذنت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخلت عليه في مشربة، وإنه لمضطجع على