ويتولى عليها رجال رجالا " (1).
بعبارة أخرى: أصل الانحرافات هو أهواء ونزوات الحكام الذين يتولون قيادة المجتمع. هذه الأهواء تصبح حكما وأمرا وقانونا، وتشيع في المجتمع، وتغدو قاعدة للحكم والامتثال.
ثم يشير الإمام (عليه السلام) إلى نقطة مهمة وهي أننا ينبغي أن لا نتوقع أن كل ما يقوله الأشخاص الذين جروا المجتمع الإسلامي إلى الانحراف باطل وغالط، لأن بطلان دعوتهم سيتضح حينئذ ويفقدون الدعم الجماهيري وتحبط مؤامرتهم. فيستغلون سياسة مزج الحق بالباطل من أجل أن لا يواجهوا هذا المأزق. ثم يروي (عليه السلام) كلاما عن النبي (صلى الله عليه وآله) تنبأ فيه بظروف المجتمع في عصر الإمام (عليه السلام)، فقال:
" كيف أنتم إذا لبستكم فتنة، يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة، وقد أتى الناس منكرا " (2).
ويواصل النبي (صلى الله عليه وآله) كلامه فيشير إلى المستقبل الخطر، حين يعضد الفقهاء والمحدثون البائعوا دينهم ساسة عصورهم، فيقول:
" ثم تشتد البلية... ويتفقهون لغير الله، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة " (3).
ويصرح الإمام (عليه السلام) بعد ذكر هذه المقدمات أن ممارسات معاكسة شاعت في المجتمع الإسلامي قبل خلافته. فإذا أراد أن يحمل الناس على تركها ويعيد المجتمع إلى ما كان عليه في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) تفرق عنه جنده وبقي وحده، أو بقي معه ثلة من أصحابه