لكن هل يسكت الذين أكل الحسد قلوبهم؟! لقد أشاعوا عن علي أنه تفاجأ عندما دخل بيته فوجد فاطمة قد أحلت من إحرامها، فأخبرته أن النبي أمر بفصل العمرة عن الحج، إلا من ساق معه الهدي، فلم يثق بها وذهب محرشا عليها أباها!! ففي سنن أبي داود: 5 / 144 عن لسان علي! (فانطلقت محرشا أستفتي رسول الله، فقلت يا رسول الله إن فاطمة لبست ثيابا صبيغا واكتحلت، وقالت أمرني به أبي! قال صدقت صدقت صدقت أنا أمرتها). لكن النسائي رواه في: 1 / 428، عن جابر بن عبد الله.. وقال: (لم يذكر جابر فذهبت محرشا، وذكر قصة فاطمة رضي الله عنها). انتهى.
غير أن ابن كثير على عادته في التحامل على علي، روى أن عليا ذهب للتحريش، وحذف الاستفتاء! قال في النهاية: 5 / 185: (فذهب محرشا عليها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنها حلت ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله؟! فقال: صدقت، صدقت، صدقت!!). انتهى.
ومعنى التحريش الشكاية للتحريك، وقد استعمل في قصة بريدة، وأن خالدا أرسله إلى النبي محرشا على علي.. وقد يقال إن التحريش يستعمل بمعنى أخف لأنه ورد في رواياتنا، لكن ذلك بعيد، والأقرب أن بعض رواتنا متأثر بنص رواياتهم، فروى عنه الباقون.
وينبغي الالتفات هنا إلى أن الحزب القرشي المخالف لعلي كان مولعا بالتحريش، والاهتمام بأن يظهر عليا صهرا غير مناسب للنبي، وأن علاقته مع فاطمة الزهراء لم تكن كما ينبغي، وأنه لم يكن يصدق كلامها كما في قصة الإحرام! وأنه خطب عليها ابنة أبي لهب أو ابنة أبي جهل، فغضب