وقد يفهم من بعض روايات مصادرنا ما يؤيد رأي عياض في أنه اشتراك علي ليس في المئة ناقة كالذي رواه الصدوق في علل الشرائع: 2 / 413، قال: (وأشركه في هديه وجعل له من الهدي سبعا وثلاثين، ونحر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وستين نحرها بيده، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد، ثم أمر به فطبخ فأكلا منها وحسوا من المرق فقال: قد أكلنا الآن منها جميعا). انتهى.
لكن ما تقدم من اشتراكهما في النحر، والأكل من المرق وقوله صلى الله عليه وآله (قد أكلنا الآن منها جميعا) يؤيد اشتراكهما الحقيقي في تمام المئة!
وحيث ثبت أنه اشتراك حقيقي فالمشكلة تزداد! إذ كيف يصح أن يشترك اثنان في عدد من الأضحيات على نحو المشاع، وذلك يوجب الجهالة في عين الأضحية، التي يجب أن تكون معينة مشخصة وصاحبها معينا؟! ولهذا أجاب بعض فقهائنا بأن هذا الحكم خاص بالنبي صلى الله عليه وآله لأنه لا يتفق مع القاعدة..
لكن يبقى السؤال: هل خرق النبي القاعدة الفقهية.. أم أن أذهاننا لم تصل إلى محتواها..؟ وأن الإثنينية بين النبي وعلي هنا ملغاة، فهما من نور واحد، وعلي نفسه بقوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم)!!
مهما يكن.. فإن هذا العمل من النبي صلى الله عليه وآله كان في نظر قريش.. إمعانا منه في ترتيب الأمر بعده لعلي وذرية النبي من فاطمة صلوات الله عليه وعليهم! فأصحاب الأذهان المادية المسطحة يفهمون تصرفات النبي على أنها عمل شخصي، ولا يريدون أن يفهموا أنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل عن الهوى.. صلوات الله عليه وآله.