له: إما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار، وإما أن تبكي النهار وتسكت بالليل، فصالحهم على واحد منهما.
وأما فاطمة فبكت على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك! فكانت تخرج إلى المقابر فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف.
وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين عليه السلام عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني ما أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة). انتهى. ورواه الصدوق أيضا في الأمالي ص 204، والنيسابوري في روضة الواعظين ص 451، وابن شهرآشوب في المناقب: 3 / 104 وقال المجلسي في بحار الأنوار: 43 / 177: (واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين علي فقالوا له: يا أبا الحسن إن فاطمة تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا، فقال: حبا وكرامة، فأقبل أمير المؤمنين حتى دخل على فاطمة وهي لا تفيق من البكاء، ولا ينفع فيها العزاء، فلما رأته سكنت هنيئة له، فقال لها: يا بنت رسول الله إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا. فقالت: يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا، أو ألحق بأبي رسول الله. فقال لها علي: إفعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك. ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا