أقول إنما أخذ المصنف الأحاديث الدالة على فضائل علي عليه السلام من صحاحهم، لأن قيام الحجة على الخصم إنما يحصل بها كما مر، لا لأنه ليس في طريقة الشيعة من الأحاديث ما يدل على مناقب علي عليه السلام وفضائله كما توهمه الناصب وأما ما ذكره: من أن الحديث المذكور لا يدل على النص وأن الكلام ليس في عد الفضائل وإثباتها إلى آخره، فمجاب بما مر مرارا: من أن الكلام في النص، وفي إثبات الأفضلية وفي عد الفضائل أيضا، لما مر من أن اجتماع الفضائل في شخص دون غيره يورث أفضليته عنهم، وهذا الحديث يدل على الأفضلية، وذلك لأنه لما نزلت قوله تعالى: إنما المؤمنون أخوة، آخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الأشكال والنظاير بوحي من الله تعالى، يكون كل أخ يعرف بنظيره، وينسب إلى قرينه ويستدل به عليه ويتضح به شرف منازل الأصحاب ويتميز به الخبيث من الطيب والمميز لهم كان جبرئيل عليه السلام، مع أن مماثلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقع إلا على الصحة والسداد، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز أن يشبه الشئ بخلافه ويمثله بضده، لكن يضع الأشياء في مواضعها للمواد المتصلة به من الله تعالى، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام:
أنت أخي وأنا أخوك، يريد به أن المناظرة والمشابهة والمشاكلة بينهما من الطرفين، وفي جميع المنازل إلا النوبة خاصة والعرب يقول للشئ إنه أخو الشئ إذا شبهه وماثله وقارنه ووافق معناه، ومن ذلك قوله تعالى: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، وكانا جبرئيل وميكائيل عليهما السلام: وقوله تعالى: يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء، ومعلوم أن الأخوة في النسب فقط، لا يوجب فضلا، لأن الكافر قد يكون أخا لمؤمن، لكن الأخوة في المماثلة والمشابهة هي الموجبة للفضل، ومولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام حصلت له من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم