بعد الوفاة لأنها منزلة جليلة لا يجوز أن يحط عنها من ثبتت له لأن ذلك يقتضي غاية التنفير لما قيل: من أن العزل طلاق الرجال، وأيضا النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل هذه المنازل لأمير المؤمنين بعده بدلالة قوله: إلا أنه لا نبي بعدي فإذن يثبت هذه المنازل لعلي عليه السلام وفي ثبوتها له ثبوت فرض طاعته كفرض طاعة رسول الله فإن قيل هذا يوجب كون علي إماما في حال حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمنقول من السلف خلافه قلت الظاهر يقتضي ذلك وفي الأصحاب من قال إن منزلة الإمامة كانت ثابتة في الحال وإنما لم يسم إماما لوجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أن تسمية أمير المؤمنين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وارد قد نقله كثير من العلماء لا يقال كيف يمكن التزام ذلك مع امتناع اجتماع أوامر الخليفة مع أوامر المستخلف بحسب العرف والعادة لأنا نقول الامتناع ممنوع وذلك لأنه إن أراد أنه يمتنع اجتماعهما لاختلاف مقتضى أو أمرهما فبطلانه فيما نحن فيه ظاهر لأن ذلك الاختلاف إنما يحصل إذا حكموا بموجب اشتهاءهم كالحاكم الجائرة أو بالاجتهاد الذي لا يخلو عن الخطأ وليس الحال في النبي أو وصيه المعصوم. عليهما السلام كذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما ينطق عن الوحي، وأمير المؤمنين عليهما السلام باب مدينة علمه وعيبة سره فلا اختلاف، وإن أراد أنه يمتنع اجتماعهما بمعنى أنه لا يتصور في كل حكم صدور الأمر منهما معا، فهذا غير لازم في تحقق الخلافة بل يكفي في ذلك كون الخليفة بحيث لو لم يبادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى انفاذ الحكم الخاص، لكان له أن يبادر إلى انفاذه ولا امتناع في ذلك عقلا ولا عرفا، ولو سلم وجود دليل يدل على أنه لم يرد حال الحياة فيثبت فيما عداها وهو كاف في ثبوت المطلوب كما عرفت، فإن قلت: رجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة يقتضي عزله وإن لم يقع العزل بالقول أجيب: بأن الرجوع ليس بعزل عن ولاية لا في عادة ولا في عرف، وكيف يكون العود عزلا أو يقتضي العزل؟ وقد يجتمع فيه الخليفة والمستخلف في البلد الواحد، ولا ينفى حضوره الخلافة له، وإن ما يثبت في بعض
(٤٣٠)