من الموضوع وقوله هذان الكتابان موجودان، مسلم، لكن الظاهر لم يكونا موجودين في البلاد الذي قصد الناصب ترويج زيفه الكاسد على أهلها، أعني بلاد ما وراء النهر واطمأن قلبه بأنهم يكتفون بمجرد نقله حرصا على محو فضائل أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والثناء فليرجع أولياء الناصب إلى مسند أحمد وتفسير الثعلبي حتى يتحقق أنه لغاية العجز والاضطراب تترس بالافتراء في الجواب، وأيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: يضمن ديني، يكفي في ثبوت المدعي، لأن الظاهر أنه بكسر الدال، لا بفتحها، إذ لم يكن عليه صلى الله عليه وآله وسلم دين بقي عليه إلى حين وفاته، لما يروى: من أنه صلى الله عليه وآله وسلم في أيام مرضه طلب براءة الذمة من الناس ولم يدع عليه أحد شيئا سوى من ادعى عليه ضرب سوط من غير عمد، ولأن ضمان حفظ الدين بكسر الدال هو الذي يصعب على الناس ارتكابه، حتى سكت القوم عن إجابته بعد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ثلاث مرات كما في رواية الثعلبي، ولو كان المراد الدين بفتح الدال وكان المراد بذل بعض المال في عوض ما على ذمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدين، لكان الظاهر أن يجيب عن ذلك أبو بكر إلى صرف أموالا كثيرة في سبيل الله، على ما يرويه القوم، ولا ريب في أن ضامن حفظ دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكون خليفته إن قيل: الظاهر من ذكر المواعيد أن يكون الدين المذكور قبلها الدين بفتح الدال. قلت: جاز أن يكون المراد المواعدة بإعطاء أحد شيئا من بيت المال كما وقع لابن مسعود، وهو أيضا من لواحق الدين بكسر الدال، ولو سلم فلا بد من العدول عن ظاهر عند قيام الدليل الدال على إرادة خلافه، وهو ههنا ثبوت براءة ذمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن حق الناس كما مر، ويؤيد أيضا ما رواه المحقق قدس سره في التجريد حيث قال: ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني بكسر الدال (إنتهى) على أن ما أجره الله تعالى على لسان قلمه من أنه عليه آلاف التحية والثناء أقبل إذ الناس أدبر، وأفدم إذ الناس أحجم كاف في
(٤١٣)