في الوجود بل هو أولى لما تقدم.
قال: ولاستلزامه انقلاب الحقائق أو التسلسل.
أقول: القول بالفناء يستلزم أحد أمرين محالين: أحدهما: انقلاب الحقائق، والثاني: التسلسل، وكل مستلزم للمحال فإنه محال قطعا، أما استحالة الأمرين فظاهر، وأما بيان الملازمة فلأن الفناء إما أن يكون واجب الوجود بذاته أو ممكن الوجود، والقسمان باطلان. أما الأول فلأنه قد كان معدوما وإلا لم توجد الجواهر ثم صار موجودا وذلك يعطي إمكانه، وأما الثاني فلأنه يصح عليه العدم وإلا لم يكن ممكنا، فعدمه إن كان لذاته كان ممتنعا بعد أن كان ممكنا، وذلك يستلزم انقلاب الحقائق وإن كان بسبب الفاعل بطل أصل دليلكم، وإن كان بوجود ضد آخر لزم التسلسل، هذا ما خطر لنا في معنى هذا الكلام.
قال: وإثبات بقاء لا في محل يستلزم الترجيح من غير مرجح أو اجتماع النقيضين.
أقول: ذهب قوم منهم ابن شبيب إلى أن الجوهر باق ببقاء موجود لا في محل، فإذا انتفى ذلك البقاء انتفى ذلك الجوهر، والمصنف رحمه الله أحال هذا المذهب أيضا باستلزامه المحال، وذكر أن القول بذلك يستلزم أمرين: أحدهما: الترجيح من غير مرجح، والثاني: اجتماع النقيضين.
والذي يخطر لنا في تفسير ذلك أمران: أحدهما: أن يقال: البقاء إما جوهر أو عرض، والقسمان باطلان فالقول به باطل، أما الأول فلأنه لو كان جوهرا لم يكن جعله شرطا لجوهر آخر أولى من العكس، فإما أن يكون كل واحد منهما شرطا لصاحبه وهو دور، أو لا يكون أحدهما شرطا للآخر وهو المطلوب. وأما الثاني فلأنه لو كان عرضا قائما بذاته لزم اجتماع النقيضين، إذ العرض هو الموجود في المحل، فلو كان البقاء قائما لا في محل مع كونه عرضا لزم ما ذكرناه.
الثاني: أن يقال: البقاء إما واجب لذاته أو ممكن لذاته، والقسمان باطلان، أما