قال: وأحلمهم.
أقول: هذا وجه سابع وهو أن عليا عليه السلام كان أحلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقابل أحدا بإسائته، فعفى عن مروان بن الحكم يوم الجمل وكان شديد العداوة له عليه السلام، وعفا عن عبد الله بن الزبير لما استأسره (1) يوم الجمل وكان يشتمه عليه السلام ظاهرا، وقال عليه السلام: لم يزل الزبير رجلا منا أهل البيت حتى شبه عبد الله، وعفا عن سعيد بن العاص وكان عدوا له عليه السلام، وأكرم عائشة وبعثها إلى المدينة مع عشرين مرأة عقيب حربها له، وصفح عن أهل البصرة مع محاربتهم له، ولما حارب معاوية سبق أصحاب معاوية إلى الشريعة فمنعوه من الماء فلما اشتد العطش بأصحابه حمل عليهم وفرقهم وملك الشريعة فأراد أصحابه أن يفعلوا بهم كذلك فنهاهم عن ذلك، وقال: افسحوا بعض الشريعة (2) ففي حد السيف ما يغني عن ذلك.
قال: وأشرفهم خلقا.
أقول: هذا وجه ثامن، وتقريره أن عليا عليه السلام كان أشرف الناس خلقا وأطلقهم وجها حتى نسبه عمر إلى الدعابة مع شدة بأسه وهيبته، قال صعصعة بن صوحان:
كان فينا كأحدنا لين جانب وشدة تواضع وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه. وقال معاوية لقيس بن سعد: رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة، فقال قيس: أما والله لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى، تلك هيبة التقوى ليس كما يهابك طغام الشام فيكون أفضل من غيره حيث جمع بين المتضادات من حسن الخلق وطلاقة الوجه وعظم شجاعته وشدة بأسه وكثرة حروبه.
قال: وأقدمهم إيمانا.
أقول: هذا وجه تاسع، وتقريره أن عليا عليه السلام كان أقدم الناس إيمانا، روى