محل النزاع لأن البحث في العوض المستحق على الألم هل يجب إدامته، وليس البحث في استلزام الألم الحاصل بالانقطاع لعوض آخر وهكذا دائما.
قال: ولا يجب إشعار صاحبه بإيصاله عوضا.
أقول: هذا حكم آخر للعوض يفارق به الثواب وهو أنه لا يجب إشعار مستحقه بتوفيته عوضا له بخلاف الثواب، إذ يجب في الثواب مقارنة التعظيم ولا فائدة فيه إلا مع العلم به، أما هنا فلأنه منافع وملاذ وقد ينتفع ويلتذ من لا يعلم ذلك، فما يجب إيصاله إلى المثاب في الآخرة من الأعواض يجب أن يكون عالما به من حيث إنه مثاب لا من حيث إنه معوض، وحينئذ أمكن أن يوفيه الله تعالى في الدنيا على بعض المعوضين غير المكلفين وأن ينتصف لبعضهم من بعض في الدنيا فلا تجب إعادتهم في الآخرة.
قال: ولا يتعين منافعه.
أقول: هذا حكم ثالث للعوض وهو أنه لا يتعين منافعه، بمعنى أنه لا يجب إيصاله في منفعة معينة دون أخرى بل يصلح توفيته بكل ما يحصل فيه شهوة المعوض، وهذا بخلاف الثواب لأنه يجب أن يكون من جنس ما ألفه المكلف من ملاذه كالأكل والشرب واللبس والمنكح لأنه رغب به في تحمل المشاق، بخلاف العوض فإنا قد بينا أنه يصح إيصاله إليه وإن لم يعلم أنه عوض عما وصل إليه من الألم فصح إيصاله إليه بكل منفعة.
قال: ولا يصح إسقاطه.
أقول: هذا حكم آخر للعوض وهو أنه لا يصح إسقاطه ولا هبته ممن وجب عليه في الدنيا ولا في الآخرة سواء كان العوض عليه تعالى أو علينا، هذا قول أبي هاشم وقاضي القضاة. وجزم أبو الحسين بصحة إسقاط العوض علينا إذا استحل الظالم من المظلوم وجعله في حل بخلاف العوض عليه تعالى فإنه لا يسقط لأن إسقاطه عنه تعالى عبث لعدم انتفاعه به.