الإيمان من فعل الله تعالى بالعبد وهو المدح والثواب، وحينئذ يكون المدح والثواب خيرا وأنفع للعبد من القردة والخنازير لكن ذلك من فعله تعالى. (واعلم) أن هذه الشبهة ركيكة جدا، وإنما أوردها المصنف رحمه الله هنا لأن بعض الثنوية أورد هذه الشبهة على ضرار بن عمرو فأذعن لها والتزم بالجبر لأجلها.
قال: والشكر على مقدمات الإيمان.
أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى لهم قالوا: لو كان العبد فاعلا للإيمان لما وجب علينا شكر الله تعالى عليه، والتالي باطل بالاجماع فالمقدم مثله، والشرطية ظاهرة فإنه لا يحسن منا شكر غيرنا على فعلنا.
والجواب أن الشكر ليس على فعل الإيمان بل على مقدماته من تعريفنا إياه (1) وتمكيننا منه وحضور أسبابه والأقدار على شرائطه.
قال: والسمع متأول ومعارض بمثله والترجيح معنا.
أقول: هذا جواب عن الشبه النقلية بطريق إجمالي، وتقريره أنهم قالوا: قد ورد في الكتاب العزيز ما يدل على الجبر كقوله تعالى:
(الله خالق كل شئ) (والله خلقكم وما تعملون) (ختم الله على قلوبهم) (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا.
والجواب أن هذه الآيات متأولة، وقد ذكر العلماء تأويلاتها في كتبهم. وأيضا فهي معارضة بمثلها وقد صنفها (2) أصحابنا على عشرة أوجه:
أحدها: الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد كقوله تعالى: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) (إن يتبعون إلا الظن) (حتى يغيروا ما بأنفسهم) (بل سولت لكم أنفسكم) (فطوعت له نفسه) (ومن يعمل سوءا يجز به) (كل نفس بما كسبت رهينة) (كل امرئ بما كسب رهين) (ما كان لي عليكم من