والجواب أن الايجاد لا يستلزم العلم، فإن الفاعل قد يصدر عنه الفعل بمجرد الطبع كالاحراق الصادر عن النار من غير علم فلا يلزم من نفي العلم نفي الايجاد، نعم الايجاد مع القصد يستلزم العلم لكن العلم الاجمالي كاف فيه وهو حاصل في الحركات الجزئية بين المبدأ والمنتهى.
قال: ومع الاجتماع يقع مراده تعالى.
أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى لهم، وتقريرها أن العبد لو كان قادرا على الفعل لزم اجتماع قادرين على مقدور واحد، والتالي باطل فالمقدم مثله، بيان الشرطية أنه تعالى قادر على كل مقدور، فلو كان العبد قادرا على شئ لاجتمعت قدرته وقدرة الله تعالى عليه. وأما بطلان التالي فلأنه لو أراد الله تعالى إيجاده وأراد العبد إعدامه فإن وقع المرادان أو عدما لزم اجتماع النقيضين، وإن وقع مراد أحدهما دون الآخر لزم الترجيح من غير مرجح.
والجواب أن نقول: يقع مراد الله تعالى لأن قدرته أقوى من قدرة العبد وهذا هو المرجح، وهذا الدليل أخذه بعض الأشاعرة من الدليل الذي استدل به المتكلمون على الوحدانية وهناك يتمشى لتساوي قدرتي الإلهين المفروضين، أما هنا فلا.
قال: والحدوث اعتباري.
أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى ذكرها قدماء الأشاعرة وهي أن الفاعل يجب أن يخالف فعله في الجهة التي بها يتعلق فعله وهو الحدوث، ونحن محدثون فلا يجوز أن نفعل الحدوث.
(وتقرير الجواب) أن الفاعل لا يؤثر الحدوث لأنه أمر اعتباري ليس بزائد على الذات وإلا لزم التسلسل، وإنما يؤثر في الماهية وهي مغايرة له.
قال: وامتناع الجسم لغيره.