ثم المعتزلة استدلوا على مقالتهم بوجوه ثلاثة: الأول: أن القدرة لو لم تتقدم الفعل قبح تكليف الكافر، والتالي باطل بالاجماع فالمقدم مثله، وبيان الملازمة أن تكليف ما لا يطاق قبيح فلو لم يكن الكافر متمكنا من الإيمان حال كفره لزم تكليف ما لا يطاق. الثاني: لو لم تكن القدرة متقدمة على الفعل لزم استغناء الفعل عن القدرة مع فرض الحاجة إليها وهو تناف ظاهر، وبيان الملازمة أن الحاجة إلى القدرة أنما هي لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود وحالة الاخراج يستغني عن القدرة وقبله لا قدرة فلا حاجة إليها مع أن الفعل إنما يخرج بالقدرة، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: وللتنافي. الثالث: لو لم تكن القدرة متقدمة لزم إما حدوث قدرة ا لله تعالى أو قدم الفعل، والقسمان محالان فالمقدم باطل، وإلى هذا أشار بقوله: ولزوم أحد محالين لولاه أي لولا التقدم، هذا ما خطر لنا في تفسير هذا الكلام.
ويمكن أن يكون قوله: وللتنافي، إشارة إلى دليل مغاير للدليل الثاني الذي ذكرناه وهو أن القدرة لو قارنت الفعل وقد بينا أن القدرة تتعلق بالضدين فيلزم حصول الضدين معا وهو تناف، فيكون قوله: ولزوم أحد محالين من تتمة هذا الكلام، وهو أن نقول: لو كانت القدرة مقارنة لزم اجتماع الضدين للقدرة عليهما وهو تناف، فيلزم أحد محالين إما اجتماعهما مع تضادهما وتنافيهما أو إيجاب أحدهما فيتقدم على الآخر مع فرض المقارنة.
قال: ولا يتحد وقوع المقدور مع تعدد القادر.
أقول: لا يمكن وقوع مقدور واحد بقادرين وهو مما قد اختلف فيه، والدليل عليه أنه لو وقع بهما لزم استغناؤه بكل واحد منهما عن كل واحد منهما حال حاجته إليه وهو باطل بالضرورة، ويمكن تعلق القادرين بمقدور واحد بأن يكون ذلك الشئ مقدورا لكل واحد منهما وإن لم يقع إلا بأحدهما، ولهذا قال: ولا يتحد وقوع المقدور، ولم يقل: ولا يتحد المقدور.
قال: ولا استبعاد في تماثلها.