أقول: الفاعل هو المؤثر والغاية ما لأجله الأثر والمادة والصورة جزءاه (1) وإذا وجد المؤثر بجميع جهات التأثير وجب وجود المعلول، لأنه لو لم يجب لجاز وجود الأثر عند وجود الجهات بأجمعها وعدمه، فتخصيص وقت الوجود به إما أن يكون لأمر زائد أو لا يكون، فإن كان الأول لم يكن المؤثر المفروض أولا تاما هذا خلف، وإن كان الثاني لزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح وهو محال.
قال: ولا تجب مقارنة العدم.
أقول: ذهب قوم إلى أن التأثير أنما يكون لما سبق بالعدم وهو على الإطلاق غير سديد، بل المؤثر إن كان مختارا (2) وجب فيه ذلك لأن المختار أنما يفعل بواسطة القصد وهو أنما يتوجه إلى شئ معدوم وإن كان موجبا لم يجب فيه ذلك.
قال: ولا يجوز بقاء المعلول بعده (3) وإن جاز في المعد.
أقول: ذهب قوم غير محققين (4) إلى أن احتياج الأثر إلى المؤثر أنما هو آن حدوثه، فإذا أوجد الفاعل الفعل استغني الفعل عنه فجاز بقاؤه بعده، وتمثلوا في ذلك بالبناء الباقي بعد الباني (5) وغيره من الآثار وهو خطأ، لأن علة الحاجة وهي الإمكان ثابتة بعد الإيجاد فثبتت الحاجة والبناء ليس علة مؤثرة في وجود البناء الباقي، وإنما حركته علة لحركة الأحجار ووضعها على نسبة معينة، ثم بقاء الشكل