كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٧١
معلول لأمر آخر.
هذا في العلل الفاعلية، أما العلل المعدة فإنها تعدم وإن كانت معلولاتها موجودة كالحركة المعدة للوصول والحرارة.
قال: ومع وحدته يتحد المعلول (1).
(١) يعني مع وحدة الفاعل الذي هو مبدأ التأثير يتحد المعلول، ويعبرون عنه بأن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد. والشيخ في الإشارات وسم هذا المطلب بالتنبيه حيث قال في الفصل الحادي عشر من خامس الإشارات: تنبيه مفهوم أن علة ما يجب عنها - أ - غير مفهوم أن علة ما بحيث يجب عنها - ب - الخ. وقال المحقق الماتن في شرحه عليه: يريد بيان أن الواحد الحقيقي لا يوجب من حيث هو واحد إلا شيئا واحدا بالعدد وكان هذا الحكم قريب من الوضوح، ولذلك وسم الفصل بالتنبيه وإنما كثرت مدافعة الناس إياه لإغفالهم معنى الوحدة الحقيقية.
أقول: وللراقم في هذا المقام من شرحه على الإشارات تعليقة هي العمدة والأصل في بيان صدور الواحد عن المبدأ الأول الواحد الأحدي الصمدي سبحانه وتعالى فعليك بالغور فيها وهي ما يلي:
إن هذه المسألة أي الواحد الأحدي لا يصدر عنه إلا واحد من أمهات المسائل الفلسفية وقد تعاضد العقل والنقل فيها فإنه تحقق عن الشرع أول ما خلق الله العقل، ثم إن لهذه المسألة الرصينة شأنا آخر أجل وأدق مما ذكر في هذا الكتاب وأترابه، وقد برهن في الحكمة المتعالية والصحف العرفانية، والوصول إلى إدراك حقيقته يحتاج إلى تلطيف سر وتدقيق فكر وتجريد نظر. وذلك الشأن هو الفرق بين أول ما صدر وبين أول ما خلق، فإن أول ما خلق هو العقل والخلق هو التقدير فالعقل هو تعين تقديري من التعينات التقديرية، وهذا التعين شأن من شؤون الصادر الأول ونقش من نقوشه وكلمة من كلماته العليا، وبتعبير آخر على نحو توسع في التعبير أن هذا التعين عارض على مادة الممكنات وتلك المادة هو الوجود المطلق بمعنى نفس الرحمن لا الوجود المطلق الحق الأحدي المنزه عن هذا الإطلاق.
والصادر الأول هو الوجود المنبسط الساري في الممكنات ومنها العقل. فأول ما خلقه الله تعالى هو العقل، وأما أول ما صدر عنه تعالى فهو الوجود المنبسط الذي هو مادة العقل ومادة جميع الممكنات.
وفي آخر نصوص الصدر القونوي: والحق سبحانه وتعالى من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه إلا واحد لاستحالة إظهار الواحد وإيجاده من حيث كونه واحدا ما هو أكثر من واحد، لكن ذلك الواحد عندنا هو الوجود العام المفاض على أعيان المكونات وما وجد منها وما لم يوجد مما سبق العلم بوجوده، وهذا الوجود مشترك بين القلم الأعلى الذي هو أول موجود المسمى أيضا بالعقل الأول وبين سائر الوجودات، الخ.
فراجع في تلك الغاية القصوى إلى المرحلة السادسة من الحكمة المتعالية أعني الأسفار في العلة والمعلول، سيما الفصل المعنون بقوله في الكشف عما هو البغية القصوى. وقد شرح هذا الفصل الحكيم الإلهي آقا علي المدرس في بدائع الحكم (ص ١٨٤)، وهكذا إلى الأسفار (ج ١ ص ١٩٣ ط ١) والى المقام الخامس من مصباح الأنس لابن الفناري في شرح مفتاح الغيب (ص 69 ط 1) ورسالتنا الفارسية الموسومة بوحدت از ديدگاه عارف وحكيم تجديك في المقام جدا، والله سبحانه ولي التوفيق.