كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٧٥
لأنها أمور اعتبارية ومساوية لغيرها ولا تكون شروطا فيه.
قال: وهذا الحكم ينعكس على نفسه (1).
(1) النسخ كلها على نفسه إلا (ت) فهي: إلى نفسه. يعني أن قولنا مع وحدته يتحد المعلول ينعكس على نفسه أي مع وحدة المعلول تتحد العلة، أي كما أنه لا يصدر عن الواحد إلا الواحد كذلك لا يصدر الواحد إلا عن الواحد. واعلم أن كلا من الأصل والعكس مستدل على حياله فلا إشكال على عكسه إلى نفسه في الظاهر. وهذا مثل أن يقال على مبنى الحكمة المتعالية: أن كل عاقل معقول وأن كل معقول عاقل، فإنهما حكمان برهن كل واحد منهما في محله لا أن الحكم الثاني استفيد من العكس فيقال: أن الموجبة الكلية لا تنعكس كنفسها.
لا بأس بنقل كلام كامل رصين من الماتن المحقق في الرد على زعم الفخر الرازي تأييدا للمرام وتسديدا للحكم المبحوث عنه في الصدور في المقام قال في شرح الفصل الحادي عشر من خامس حكمة الإشارات: إن الفاضل الشارح - يعني به الفخر الرازي - عارض به دليل الحكماء بأن الواحد قد يسلب عنه أشياء كثيرة كقولنا: هذا الشئ ليس بحجر وليس بشجر، وقد يوصف بأشياء كثيرة كقولنا: هذا الرجل قائم وقاعد، وقد يقبل أشياء كثيرة كالجوهر للسواد والحركة، ولا شك في أن مفهومات سلب تلك الأشياء عنه واتصافه بتلك الأشياء وقبوله لتلك الأشياء مختلفة ويعود التقسيم المذكور حتى يلزم أن يكون الواحد لا يسلب عنه إلا واحد ولا يوصف إلا بواحد ولا يقبل إلا واحدا.
وأجاب الخواجة عنه بأن سلب الشئ عن الشئ واتصاف الشئ بالشئ وقبول الشئ للشئ أمور لا تتحقق عند وجود شئ واحد لا غير فإنه لا يلزم الشئ الواحد من حيث هو واحد بل يستدعي وجود أشياء فوق واحدة تتقدمها حتى يلزم تلك الأمور لتلك الأشياء باعتبارات مختلفة وصدور الأشياء الكثيرة عن الأشياء الكثيرة ليس بمحال.
بيانه أن السلب يفتقر إلى ثبوت موصوف وصفة والقابلية إلى قابل ومقبول أو إلى قابل وشئ يوجد المقبول فيه واختلاف المقبول كالسواد والحركة يفتقر إلى اختلاف حال القابل فإن الجسم يقبل السواد من حيث ينفعل عن غيره ويقبل الحركة من حيث يكون له حال لا يمتنع خروجه عنها. وأما صدور الشئ عن الشئ أمر يكفي في تحققه فرض شئ واحد هو العلة وإلا لامتنع استناد جميع المعلولات إلى مبدأ واحد.
لا يقال: الصدور أيضا لا يتحقق إلا بعد تحقق شئ يصدر عنه وشئ صادر، لأنا نقول:
الصدور يطلق على معنيين: أحدهما: أمر إضافي يعرض للعلة والمعلول من حيث يكونان معا وكلامنا ليس فيه. والثاني: كون العلة بحيث يصدر عنه المعلول وهو بهذا المعنى متقدم على المعلول ثم على الإضافة العارضة لهما وكلامنا فيه، وهو أمر واحد إن كان المعلول واحدا. وذلك الأمر قد يكون هو ذات العلة بعينها إن كانت العلة علة لذاتها، وقد يكون حالة تعرض لها إن كانت علة لا لذاتها بل بحسب حالة أخرى أما إذا كان المعلول فوق واحد فلا محالة يكون ذلك الأمر مختلفا ويلزم منه التكثر في ذات العلة، إنتهى. ثم إن في المقام مباحثات أخرى رأينا الذب عنها أجدر وإن شئت فراجع الأسفار (ج 7 ط 2 ص 219).