وهكذا الجواب عن التقرير لعدم العلم بجهته.
وأما الوجه الثالث والرابع، فالجواب عن أولهما بعد منع كليهما من جهة بطلان القياس، بإبداء الفارق بين خبر الواحد - فيما نحن فيه - الذي هو محل النزاع وبينه في الأحكام الشرعية، إذ الذي ثبت حجيته فيها إنما هو خبر الواحد الجامع لشرائط الحجية، مع كون متعلق خبره الحكم الشرعي الكلي، والذي فيما نحن فيه فاقد لأحد القيدين لا محالة، فإنه إما فاقد لشرائط الحجية، أو القيد الثاني.
وعن الثاني منهما بأن هذه أولوية ظنية، لا يعتمد عليها، سيما في المسألة الأصولية.
وأما الوجه الخامس: ففيه: ان الأحكام الشرعية ليست أصلا بالنسبة إلى اللغات التي هي من المبادئ، بل الأمر بالعكس، فإن الأصل ما يبتني عليه شيء، وهذا المعنى موجود فيما نحن فيه بالنسبة إلى الأحكام الشرعية، ويكون الأحكام الشرعية فروعا لما نحن فيه لكونها من نتائجه، ولا ريب أن النتيجة فرع المقدمات.
وإن كان مراده من كون الأحكام الشرعية أنها أهم وأشرف عند الشارع، فهو مع أنه خلاف وضعه، واصطلاح جديد في الأصل، يرجع إلى الوجه الرابع، وقد عرفت ما فيه، وهذا الوجه لعله من صاحب المناهل (قدس سره). هذه أدلة المثبتين.
وأما أدلة النافين الذين نحن منهم تبعا للشيخ الأستاذ (قدس سره)، الأصل أعني أصالة حرمة العمل بالظن إلا ما أخرجه الدليل، ثم إن هذا كله بناء على حجية خبر الواحد فيما نحن فيه بالخصوص، مع قطع النظر عن مقدمة الانسداد، وإلا فبملاحظتها على فرض جريانها فالظاهر، بل الحق حجيته.
ثم إن دليل الانسداد، كما يتصور جريانه في نفس الأحكام الشرعية، كذلك يتصور في الأدلة، والطرق الشرعية، وكذلك في الموضوعات الصرفة، وهكذا في الأمور المستقبلة كالظن بالسلامة، وبقاء المكلف على شرائط التكليف في الآن اللاحق، فإنه مما انسد فيه باب العلم، فيجري فيه دليل الانسداد، فيجب على المكلف البناء على إتيان المأمور به في أول وقته، مع الظن بسلامته، وبقائه على شرائط التكليف إلى آخر الوقت كما في الحائض، حيث إنها مع احتمالها لكونها حائض في الغد يجب