وخلافا له في محكي المبسوط والمفيد في محكي المقنعة وللفاضل في القواعد وشارحه الإصبهاني وثاني الشهيدين في المسالك، قالوا: لما فيه من زيادة هتكها وتكرار قذفها وظهور كذب لعانه، مع أنه يثبت عليه الحد بالقذف، فيستصحب إلى أن يعلم المزيل، ولا يعلم زواله بلعان ظهر كذبه، والأخبار الأولة إنما نفت الحد إذا أكذب نفسه في نفي الولد دون القذف، والحد إنما يجب إذا أكذب نفسه فيما رماها به من الزنا، كما عن صريح المبسوط.
إلا أن الجميع كما ترى، ضرورة أن إكذاب نفسه تنزيه لها لا زيادة هتك وتكرار قذف، وإطلاق أدلة اللعان فضلا عن الأولة مقتض لسقوط الحد، فلا معنى لاستصحابه، بل المتجه استصحاب العكس، وتعليل عدم الجلد في الصحيح المزبور كالصريح في أن لعانه كان بالقذف، ونفي الولد وإن كان من المذكور فيه الأخير كالخبر المعارض المعلوم قصوره عن المعارضة سندا وعددا، خصوصا مع ملاحظة قاعدة درء الحد والاستصحاب وعدم تجدد قذف منه بالاكذاب، والأول قد سقط باللعان.
ومن الغريب ما في المسالك، حيث اقتصر على ذكر الخبر الثالث دليلا للقول بالسقوط راويا لمتنه بدل " ولا يجلد " " ولا تحل له أبدا، لأنه قد مضى التلاعن " ثم رجح خبر ابن الفضيل عليه بأنه ناص على الحد، بخلاف خبر الحلبي الذي لم يتعرض فيه لذلك، ثم قال: " مع أن في طريق الروايتين من هو مشترك بين الثقة والضعيف، وإنما نجعلها شاهدا على ما اخترناه بالوجه العام " أي الذي ذكرناه أولا، وقد عرفت ما فيه، مع أن في روايات الحلبي الصحيح الصريح في نفي الحد المؤيد بالاستصحاب والتعليل وقاعدة درء الحد وإطلاق أدلة اللعان وغير ذلك مما لا يصلح الخبر المزبور الضعيف معارضا له، فلا بد من طرحه أو تأويله بما لا ينافي ذلك من الاكذاب قبل إكمال اللعان كما عن الشيخ، وإن كان هو مناف لما فيه من عدم رجوع الامرأة أو غير ذلك، والله العالم.
(ولو اعترفت) هي (بعد اللعان) بأن أكذبت نفسها لم يعد شيئا من