هذا (و) قد عرفت أنه (هكذا حكم كل غريمين) في جميع ما سمعت (و) لكن (إذا تراضيا كفى ذلك) في براءة ذمة كل منهما عما للآخر عليه في المشهور (ولو لم يقبض الذي له ثم يعيده عوضا سواء كان المال أثمانا أو أعراضا) لما تقدم في محله من أن الوفاء معاوضة مستقلة برأسها، ومن أن ما في الذمة مقبوض لمن هو عليه، فلاحظ وتدبر.
(وفيه قول آخر) للشيخ في المحكي عن مبسوطه (بالتفصيل) وهو إن كانا نقدين قبض أحدهما ودفعه عن الآخر، وإن كانا عرضين فلا بد من قبضهما، وإن كان أحدهما نقدا فقبض العرض ثم دفعه عن النقد جاز دون العكس، وفي الدروس والمسالك وكان الشيخ يجعل المقاصة بيعا فيلحقها أحكامه من بيع الدين بالدين وشبهه، والله العالم.
المسألة (الثالثة:) (إذا اشترى أباه) مثلا (بغير إذن مولاه) سابقا أو لاحقا (لم يصح) إذا لم يكن له مدخلية في التكسب، لعدم ثبوت الإذن له شرعا بمثل هذا التصرف، فيبقى على أصل الحجر عليه وإن لم ينعتق عليه فما عن بعض - من الجواز لأنه اشترى مملوكا لا ضرر على المولى في شرائه، ولهذا كان كسبه له، وإن عاد المكاتب في الرق عاد هو معه كالأجنبي - ضعيف لا لما في المسالك من أن صرف المال في ثمنه مع عدم جواز بيعه والتكسب به غير سائغ له وإن لم يعتق في الحال، إذ يمكن منع عدم جوازه له إذا فرض قلة ثمنه مع كونه كسوبا بحيث يستعين به على أداء مال الكتابة بل لأن المفروض شراؤه على وجه لا مدخلية له في التكسب، ويكفي في ضرر المولى دفع المال في مقابلة من لا يجوز له التكسب فيه ببيع ونحوه، ولا كسب له يستعين به على أداء مال الكتابة.
نعم لو قلنا يجوز له التصرف فيه ببيع ونحوه لم يكن إشكال في جواز شرائه، ضرورة كونه حينئذ كالأجنبي إلا أني لم أجد من صرح بجوازه، بل ظاهر بعض من تعرض لذلك وصريح آخر كالفاضل في القواعد والإصبهاني في شرحها وغيرهما