بماله في ذمته وهل يرجع المحيل على المحال عليه فيطالبه بالدين الذي له في ذمته؟
فيه وجهان:
أحدهما: ليس له مطالبته لأنه برئه من حقه بدعواه الحوالة وإن ما في ذمته صار للمحتال.
والثاني له مطالبته به لأنه إن كان وكيلا فدينه ثابت في ذمة المحال عليه، وإن كان محتالا فقد قبض المال منه ظلما وهو مقر بأن ما في ذمة المحال عليه للمحتال فكان له قبضه عما له عليه وهو ما أخذه ظلما على قوله فكان مطالبا بما يجوز له المطالبة به بهذا إذا لم يكن المحتال قبض المال فأما إذا كان قد قبضه فلا يخلو من أن يكون باقيا في يده أو تالفا فإن كان باقيا في يده صرف إليه، وإن كان تالفا نظر فإن تلف بتفريط منه وجب عليه ضمانه ويثبت عليه للمحيل مثل ما ثبت له في ذمته فتقاصا وسقطا وإن تلف بغير تفريط منه لم يجب عليه الضمان لأنه وكيل ويرجع هو على المحيل بدينه ويبرء المحال عليه لأنه قد دفع إلى المحتال بإذنه وهو معترف بذلك لأنه إن كان حوالة كما يقول فقد برئ فبرائة المحال عليه متيقنة ويكون التالف من مال المحيل.
إذا أحال المحال عليه المحتال على آخر وقبل المحتال الحوالة برئ المحال عليه و انتقل حقه إلى الثاني فإن أحال الثاني على الثالث وقبل الحوالة برئ الثاني وكان حقه على الثالث، وإن أحال الثالث على الرابع وقبل الحوالة برئ الثالث وانتقل حقه إلى الرابع وعلى هذا كلما أحال من له دين في ذمة وقبل الحوالة برئ المحيل وتحول حقه إلى المحال عليه. وجملته أن كل دين ثابت في الذمة معلوم تصح الحوالة به والدين على كل واحد من المحال عليه ثابت في ذمته فجاز أن يحيل به ولا تجوز الحوالة بالثمن في مدة الخيار لأنه ليس بثابت مستقر فإن قطع الخيار ولم يثبت الحوالة حتى يستأنفها بعد قطعه، وقيل: إنه يجوز لأن الثمن يؤول إلى اللزوم والاستقرار وهو قوي.
وإذا أحال المشتري البايع على آخر ثم رد المبيع بالخيار بطلت الحوالة، وهذا يدل على أنها كانت صحيحة وبطلت وقال قوم: الحوالة بيع إلا أنه غير مبني على المكايسة والمغابنة وطلب الفضل والربح، وإنما هو مبني على الإرفاق والقرض فلا يجوز إلا في دينين