قلت: قد يكون منشأ كلام الشهيد عدم تشخص الربح عن رأس المال باتفاقهما على أنه ربح، لعدم دليل على ذلك، والأصل بقاء إشاعته حتى تنفسخ المضاربة ويتسلم المالك رأس ماله، وحينئذ يتجه كلامه.
لكن يشكل بأنه لا دليل على استقرار ملكهما للحصة من الربح بذلك، ما دامت المضاربة غير منفسخة حتى لو رضى المالك بأن يكون الباقي رأس مال، فإنه لا يلتزم بذلك، بل له الرجوع عنه، لعدم استقرار كون ذلك ربحا، إلى أن ينتهي عمر المضاربة، والفسخ أو الانفساخ كما تقدم الإشارة إلى ذلك فيما تقدم.
نعم لهما الاتفاق على التصرف في المقدار الذي تراضيا عليه سواء وجدا معه صورة القسمة أولا برضى منهما وما يتبعه من رأس المال يكون تصرف العامل فيه برضى المالك، ما إذا لم يكن ثم ربح.
اللهم إلا أن يقال: إن ذلك من المالك فسخ للمضاربة فيما يخصه من رأس المال، لأنه برضاه قد أخرجه عن المضاربة، حتى الذي قبضه العامل، فيستقر حينئذ ملكهما على ما خص ذلك من الربح، لانفساخ المضاربة، كما تعرفه انشاء الله تعالى في المسألة الرابعة عشر، وبه حينئذ يتمه كلام الشهيد، فتأمل جيدا، كما أنه ينبغي التأمل فيما سمعت من أن للمالك والعامل الاتفاق على تشخيص الربح من رأس المال، واخراجه عن الإشاعة مع بقاء المضاربة على حالها، بحيث يكون الباقي رأس المال وما شخصاه ربحا، فإنه محتاج إلى التأمل.
المسألة (الثانية عشرة لا يصح أن يشتري رب المال من العامل شيئا من مال القراض) بلا خلاف ولا اشكال لأنه ماله (ولا أن يأخذ منه بالشفعة) لذلك أيضا بخلاف العكس، فإن للعامل الشراء من المالك وله الأخذ بالشفعة منه، كما هو واضح.
لكن في القواعد " إن ظهر ربح بطل البيع في نصيبه منه " ولعل المراد إذا كان الربح ظاهرا وقت الشراء، لعمد جواز شراء ملكه، لا ما إذا تجدد، فإنه حينئذ له والثمن صار من مال المضاربة كما هو واضح.
وكذا لو ظهر في المال ربح جاز للمالك شراء ما يخص العامل، بناء على ملكه