كون التالف على النسبة، واحتمال الفرق بالقطع في الحبوب بكون التالف منهما بخلافه في مسألة الدرهم يدفعه أولا: أنه لا قطع بكونه على النسبة في الحبوب، إذ يمكن التفاوت، وثانيا: عدم المدخلية لذلك بعد فرض الدليل شرعا على حصول الشركة بالامتزاج في المثليات على وجه يرفع التمييز.
وقد ظهر لك من ذلك كله أن الحكم المزبور في هذه المسائل التي قد عرفت اتفاق النص والاعتبار والمعظم من الفتوى عليه قائم مقام الصلح فيها بالنسبة إلى قطع المخاصمة، ولهذه المناسبة ذكرها الأصحاب في كتابه.
ومن ذلك المسألة الثالثة (و) هي ما (لو كان لواحد ثوب بعشرين درهما، ولآخر ثوب بثلاثين درهما، ثم اشتبها، فإن خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه، وإن تعاسرا بيعا وقسم ثمنهما بينهما، فأعطى صاحب العشرين سهمين من خمسة وللآخر ثلاثة) التي قد أفتى المشهور فيها بذلك لخبر إسحاق بن عمار (1) عن الصادق عليه السلام " في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب، وآخر عشرين درهما في ثوب فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه قال: يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن، والآخر خمسي الثمن، قلت: فإن صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين،: إختر أيهما شئت، قال: قد أنصفه " المنجبر بالشهرة مع احتمال صحة سندها في طريق الصدوق، بل والشيخ.
فما عن ابن إدريس من القرعة ومال إليه في المسالك في غير محله، ضرورة عدم الاشكال بعد ما عرفت، معتضدا بالاعتبار الذي يقضي بكون مثل هذا الاشتباه كالاشتراك، بل لو لم يشتبها وبيعا معا كان الثمن موزعا على حسب قيمتهما، إلا أن الظاهر من النص والفتوى عدم اعتبار المعية في بيعهما في الحكم المزبور، بل ظاهرهما صيرورة مالكيهما كالشريكين باعتبار احتمال تملك كل منهما لكل منهما، فهما بمثابة الشريكين فيهما على نسبة قيمتهما.
فما في التذكرة " من أنه إن بيعا منفردين وتساويا في الثمن فلكل واحد