فيه، ضرورة كون المراد بيان حكم القراض الثاني فيما إذا ربح المال، وهو لا يستلزم تسلم المال إذ يمكن فقراضه وعمله والمال في يد العامل الأول، كما أنه لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه عدم الفضولية فيما أوقعه العامل الثاني بإذن الأول و إن لم يجز قراضه، بناء على أن للعامل الأول الإذن لغيره في العمل، وأن فساد قراضه لا ينافي ثبوت الإذن له في ذلك، كما في غير هذه الصورة مما فسد فيه القراض فإنه يثبت للعامل أجرة المثل، والمال ونماؤه للمالك، وليس هو إلا لبقاء الإذن مع فساد القراض، وما نحن فيه من ذلك.
ومن الغريب دعوى خروج هذه الوجوه عن أصولنا مع تصريح المصنف بحسن الأول منها، بل مفروغيته من صحة البيع وملك المالك النصف، وعدم ذكر الفضولية هنا في شئ مما فعله العامل الثاني، ونحو ذلك مما هو كالصريح في أن موضوع المسألة عنده غير ما ذكراه، وإن اعترضاه هما بنحو ما سمعته منهما هنا، لكن الانصاف عدم وروده عليه، وعدم مدخلية لكثير مما ذكراه هنا في مفروض المسألة كما لا يخفى على من لاحظ المقام وتأمل. والله العالم.
المسألة (السابعة: إذا قال) المالك: (دفعت إليه مالا قراضا، فأنكر) العامل ذلك (فأقام المدعي بينة) على أنه دفع إليه مالا قراضا (فادعى العامل التلف قضي عليه بالضمان، وكذا لو ادعى عليه وديعة أو غيرها من الأمانات) لثبوت كونه خائنا بانكاره المال الذي قامت البينة عليه، وأقر هو أيضا به بعد ذلك بدعواه تلفه، ولا ريب في كونه خيانة، بل قد يقال: إنه لم تقبل دعواه حتى لو أقام بينة على تلفه منه بلا تعد ولا تفريط لتكذيبه إياها بانكاره الأول الذي هو أيضا اقرار في حقه، ومن هنا عبر الفاضل في القواعد بعدم قبول دعواه.
لكن في المسالك (إن عبارة المتن أجود منها، لاستلزام عدم القبول حبسه إلى أن يدع العين، وقد تكون تالفة، إلا أن يتكلف نحو ما تقدم من حبسه مدة يظهر فيها اليأس من وجود العين ".
وفيه أن المقصود عدم قبول دعوى التلف التي كانت تقبل منه سابقا بيمينه في