المضاربة وغيرها ما لم يعلم منه إرادة التبرع، ولا بين كون العامل من المعدين لأخذ الأجرة، كالسمسار ونحوه وغيره، مع فرض كون العمل مما له أجرة في العادة، بل مقتضى الأصل المزبور استحقاق الأجرة على العمل المأذون فيه، وإن لم ينو العامل ا لرجوع بها، بل يكفي عدم قصده التبرع.
ولعله إلى ذلك أشار الفاضل المقداد في شرح النافع قال في البضاعة: " فإن قال أي المالك مع ذلك لا أجرة لك، فهو توكيل في الاسترباح من غير رجوع عليه بأجرة وإن قال: ولك أجرة كذا، فإن عين عملا مضبوطا بالمدة أو العمل فذاك إجارة، وإن لم يعين فجعالة، وإن سكت، فإن تبرع العامل بالعمل، فلا أجرة له، وإن لم يتبرع وكان ذلك الفعل له أجرة عرفا، فله أجرة مثله ".
ومن ذلك يعرف ما في كلام الرياض الذي حكيناه عنه، بل وفيما ذكره سابقا في دفع إشكال استحقاق الأجرة فلاحظ وتأمل.
وكيف كان فقد علم مما ذكرناه أن المضاربة دفع الانسان إلى غيره ما لا ليعمل فيه بحصة من ربحه، ولكن يتبعها أحكام عقود كالوكالة والوديعة والشركة، وغيرها كالغصب وأجرة المثل ونحوها، والظاهر أنه المراد مما في المسالك من أن عقد القراض مركب من عقود كثيرة، لأن العامل مع صحة العقد وعدم ظهور ربح ودعي أمين، و مع ظهوره شريك، ومع التعدي غاصب، وفي تصرفه وكيل، ومع فساد العقد أجير، لا أن المراد إنشاء هذه العقود بانشاء عقدها، وإلا كان محلا للنظر، مضافا إلى ما في ذكر الغصب وأجرة المثل، والشركة في الربح في العقود.
(و) على كل حال ف (هو) أي تمام البحث في كتاب المضاربة (يستدعي بيان أمور أربعة: الأول: في العقد) الذي جعله في التذكرة والقواعد من أركان هذه المعاملة، بل صرح في التذكرة بأنه لا بد فيها من لفظ يدل على الرضا، وظاهرهما أو صريحهما كغيرهما عدم مشروعية ما يشبه المعاطاة في البيع منها، وهو وإن كان موافقا لأصالة عدم ملك العامل الحصة من الربح، إلا أنه مخالف لما دل على جوازها في البيع ما هو مشترك بينه وبين المقام وغيره من السيرة المستمرة، وصدق الاسم عرفا