وربما أيد بالأخبار (1) المصرحة بطهارة ماء الاستنجاء وباختلاف الروايات الواردة في تقدير الكر فيحمل على التخمين والمقايسة بين قدر الماء والنجاسة، إذ لو كان أمرا مضبوطا وحدا محدودا لم يقع الاختلاف الشديد في تقديره لا مساحة ولا وزنا وقد وقع الاختلاف فيهما حسا، والوجوب لا يقبل الدرجات بخلاف الاستحباب كما اعترف جماعة به في باب البئر، لمكان الاختلاف. وأيضا أخبار الطهارة أقوى لكونها منطوقا ونصا وتلك مفهوما وظاهرا، والمفهوم لا يعارض المنطوق الظاهر لا يعارض النص. وأيضا لو عمل بأخبار الطهارة أمكن حمل الأمر في أخبار النجاسة على الاستحباب والنهي على الكراهة ولا كذلك العكس. وأيضا قد عرفت أن أخبار الكر من جهة اختلافها قابلة للحمل على إرادة المقدار المعتاد التغير وعدمه. وأيضا قد تحمل بعض الأخبار على النهي عن خصوص الوضوء أو الغسل لما يفهم أن ماء الوضوء مثلا ليس كباقي المياه.
و (الجواب) أما عن الأصول فهي - مع كون أصل البراءة ونحوه منها لا يفيد تمام المطلوب لعدم جريانه في مثل الوضوء به والاغتسال على وجه ونحو ذلك، لمعارضته بأصالة شغل الذمة، ومع كون استصحاب طهارة الملاقي للماء القليل الملاقي للنجاسة لا يفيد طهارة بالنسبة للماء. والتتميم بعدم القول بالفصل، مع كونه لا معنى له لكونه ليس قولا بالطهارة في بعض دون بعض بل إنما ساغ الشرب مثلا ولبس الثوب الملاقي في الصلاة لعدم العلم بالنجاسة لا للعلم بالطهارة، خروج عن الاستدلال بالأصول. فلم يبق إلا استصحاب طهارة الماء نفسه على القول بجريانه في قدح العارض، وإصالة الطهارة فإنه لا يعارضه شغل الذمة ويقتضي طهارة الماء - لا تعارض ما سمعت من الاجماعات والأخبار الكثيرة التي كادت تكون متواترة، بل هي متواترة، وما يستفاد من القاعدة في نجاسة كل ما تلاقيه هذه النجاسات مع الرطوبة.
وأما الآيات فهي - مع إمكان منع كون كل الماء منزلا من السماء، وما ذكر