يلزم بناء على اشتراط الاستعلاء في الكر المطهر. وجعل ما ذكرنا إلزاما لهم ليس بأولى من جعله إنكارا لهذه الدعوى، مع أن فيهم الفضلاء الذين يبعد عدم تنبههم لمثل ذلك فتأمل.
إذا عرفت هذا فنقول لا كلام في حصول الطهارة بما ذكره المصنف بل نقل الاجماع عليه بعضهم وكأن ذلك منهم مبني إما على عدم اشتراط الامتزاج في مثل هذا الطريق من التطهير أو أنه متى ألقي الكر دفعة عرفية تحقق الامتزاج. وهو متجه مع قلة المطهر أو الاكتفاء بامتزاج البعض، إنما الكلام في أنه لا يطهر إلا بهذا إذا كان التطهير بالماء المحقون أو أنه يحصل بدون ذلك؟ قد يظهر من المصنف وغيره الأول لأن عبارات الفقهاء كالقيود، ويستفاد منها حينئذ أمور ثلاثة: (الأول) الالقاء و (الثاني) أن يكون كرا و (الثالث) أن يكون دفعة، وفي الكل خلاف.
أما (الأول) أي اشتراط الالقاء فهو مشعر باشتراط كون المطهر مستعليا، وكذا ما في الروضة من أن المشهور اشتراط طهر القليل بالكر وقوعه عليه دفعة. وما في التذكرة أنا نشترط في المطهر وقوع كر دفعة إلى غير ذلك مما وقع من الأصحاب مما يشعر به. لكن أظن أن مراد من وقعت منه مثل هذه العبارة إنما هو في مقابلة الشيخ المكتفي بالتطهير ولو بالنبع من تحت، أو أمر آخر لا مدخلية له فيما نحن فيه، وإلا فلا أظن أحدا ينازع في الطهارة مع مساواة المطهر، بل عن الروض الاتفاق على حصول الطهارة بذلك. ولعله كذلك فإن دعوى عدم حصولها فيما لو كان حوضان مثلا مفصول بينهما بفاصل وكان أحدهما طاهرا والآخر نجسا ثم رفع الفاصل بينهما بحيث صارا حوضا واحدا مما لا يصغى إليها. وكذا لو ألقي الماء القليل في الكر، ولعل ما وقع من المحقق (رحمه الله) من عدم طهارة أحد الغديرين بالغدير الطاهر الآخر الكر إذا وصل بينهما بساقية مبني على عدم حصول الامتزاج كما فهمه منه بعضهم، ويشعر به تعليله بتمييز الجواهر 17