عدم انفعال الماء الذي ورد بعضه الذي بسببه يصدق على مجموع الماء أنه وارد فيرجع إلى عدم سراية النجاسة من الأسفل إلى الأعلى كان حجة لنا على عدم نجاسة الغسالة فتأمل (ويطهر) الماء القليل المتنجس متغيرا أولا (بالقاء كر) فصاعدا إذا زال تغيره بذلك (دفعة) عرفية لا تدريجا ولا دفعات. وهنا مقدمات لعل لها دخلا في البحث (الأولى) كل ما شك في قابليته للطهارة فالأصل فيه عدم القابلية، وإطلاق ما دل على طهورية الماء وأنه أنزل للتطهير بعد القول بشمولها لرفع الخبث لا يقتضه لاستصحاب النجاسة، ولأن كيفية التطهير ما يرجع فيها إلى الشرع والفرض أنها مفقودة، ولأن هذه الاطلاقات إنما هي شاملة لأفراد المطهر لا المطهر، ويكفي في صدق الطاهرية والمطهرية وجودها في بعض أفراد المطهر بالفتح، اللهم إلا أن يستند في ذلك للحكمة سيما في مثل قوله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء طهورا " (1) من حيث وروده في معرض الامتنان.
(الثانية) كل ما شك في اعتباره في كيفية التطهير فالظاهر اعتباره لاستصحاب النجاسة.
والاطلاقات المتقدمة لا يحصل منها كيفية التطهير، فتبقى على القاعدة. والفرق بين هذه والسابقة أن هذه في المقطوع في قابليته للطهارة كالماء لكن وقع الشك في كيفية التطهير من اعتبار الامتزاج مثلا واستعلاء المطهر ونحو ذلك بخلاف تلك.
(الثالثة) قد يظهر في بادئ النظر أن السراية على وفق الأصل أي القاعدة المستفادة من الأدلة، وذلك بعد قيام الاجماع أن المتنجس ينجس، فمثل الماء المضاف المستطيل إذا وقعت فيه نجاسة في طرف منه ينجس الطرف الآخر منه في آن وقوع النجاسة، وذلك لا لسريان عين النجاسة لمكان كونه رقيق الأجزاء فتنفذ فيه النجاسة، للقطع بعدمها، بل إنما ينجس لكون الجزء الأول ينجس فينجس الجزء الآخر وهو ينجس الآخر وهكذا، ولا يحتاج في ذلك إلى زمان لحصول علة النجاسة متقدمة على ما يحصل