على دعوى المبسوط والمهذب، فالمسألة سليمة الاشكال بحمد الله، ويأتي الكلام فيما اختلف في طهارته ونجاسته في النجاسات إن شاء الله.
(ويكره سؤر الجلال) من كل حيوان، والمراد به على ما قيل المتغذي بعذرة الانسان محضا إلى أن نبت عليه لحمه واشتد عظمه، فلا يدخل المتغذي بغيرها من النجاسات، ولا المتنجسات ولو بعذرة الانسان، بل ولا من تغذى بها وبغيرها، ولتحقيق البحث فيه مقام آخره، وكيف كان فالحكم بالطهارة لطهارة ذي السؤر لما علمت سابقا من الملازمة بينهما، مع عموم الروايات الحاكمة بطهارة سؤر الطيور والسنور والدواب والسباع ونحو ذلك من غير تفصيل فيه بين الجلال وغيره، وقد اشتمل بعضها على العموم اللغوي، كقوله (عليه السلام) (1) في خبر عمار: " كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه، إلا أن ترى في منقاره دما، فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب " وما سمعته من صحيحة البقباق، فالاطلاق مع ترك الاستفصال في بعض والعموم اللغوي في آخر مع الأصل كاف في إثبات المطلوب، وكون ذلك فردا نادرا قد يقدح في الأول، ولأي قدح في الثاني، على أن الندرة في بعض الحيوانات ممنوعة، كالفيران الساكنة في الخلاء ونحوها، مع ورود الأدلة بطهارة سؤرها من غير تفصيل، فما عن الشيخ في المبسوط كما في المختلف والمرتضى وابن الجنيد من المنع من سؤر الجلال مع الحكم بطهارة ذي السؤر لم يصادف محله، على أن الظاهر من عبارته المحكية عنه على ما في بالي ثبوت البأس، وهو أعم من المنع، وكان دليله ما قدمناه سابقا، وقد عرفت ما فيه.
(و) كذا (ما أكل الجيف) لما تقدم أيضا من الأصل وطهارة ذي السؤر والأخبار وغيرها، فما عن النهاية كما في المختلف من المنع من سؤره لا نعرف له وجها، والاستدلال عليه بالمفهوم مع أنك قد عرفت ما فيه هناك لا يشمل جميع أفراد المقام، فإنه قد يكون آكل الجيف مأكول اللحم، على أن المفهوم ظاهر في كونه من حيث