على روايته قول الرسول (صلى الله عليه وآله) " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته " (1) وفيه مع إمكان المنع أنه مخصص بما عرفت من نقله الأول وادعائه إجماع المخالف والمؤالف على رواية " إذا كان الماء قدر كر لم يحمل خبثا " وأما مصححة ابن حمران فهي لم تدل على أزيد من تشبيه التراب بالماء في الطهورية، وهو لا يقتضي عدم قبول الماء الانفعال. والحاصل أن كثيرا من هذه الروايات مع الغض عما في أسانيدها لا دلالة فيها إلا من جهة الاطلاق أو ترك الاستفصال وهو لا يعارض مما ذكرنا، بل كثير منها ظاهر في كون الماء كثيرا مثل الأخبار الواردة في الغدران والماء النقيع والحياض ونحو ذلك. كما يقتضيه شرب الدواب وأبوالها، وعدم تغيرها بالميتة والجيف، والأمر بالوضوء من الجانب الآخر، ونحو ذلك. وأما ما دل منها بالخصوص كرواية المركن فهي لا تفيد أزيد من عدم اشتراط ورود الماء في غسل النجاسة به فيطهر المحل ويتنجس الماء، مع أن الأمر بغسله مرتين لا يقضي بوحدة الماء وعدم غسل الإناء. بل قد يدعى أن المراد وضع الثوب في المركن ثم يصب الماء عليه ويغسل مرتين. ولعلهم يقولون بصيرورة الثوب والإناء شيئا واحدا فلا يتنجس الثوب به من ماء الغسالة الأولى وستسمع الكلام فيه إن شاء الله في باب الغسالة.
وأما صحيحة زرارة المشتملة على حبل الخنزير فهي مع ابتنائها على نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين لا دلالة فيها على مباشرة الحبل لما يخرج من البئر مع كونه قليلا.
وأما صحيحة علي بن جعفر عليه السلام المشتملة على إدخال اليهودي والنصراني في الماء فهي - مع ابتنائها على نجاسة أهل الكتاب وكون الماء قليلا - صالحة للرد كما أنها صالحة للاستدلال لاشتمالها على النهي حالة الاختيار والرخصة حالة الاضطرار، وكما أنه لا قائل بالفصل في الثاني فكذلك في الأول، مع احتمالها لحمل الضرورة على التقية وهو الأقوى في ظني.