من علمائنا الأبرار فإنهم قد أطالوا في ذلك سيما جناب سيدنا وأستاد أساتيذنا السيد المهدي والمهدي، فإنه قد كتب في ذلك رسالة، ولعمري أنها قد تجاوزت الغاية والنهاية، وكأن الذي دعاهم إلى ذلك خلاف الكاشاني وتمزيقه جملة من الأخبار الدالة على المقام فكان الباعث على جمعها من سائر الأبواب.
ثم ليعلم أن قاعدة نجاسة القليل قد استثنى الأصحاب منها أمورا بعضها محل وفاق كماء الاستنجاء وماء المطر بشروط، وبعضها محل كلام كماء الحمام وماء الغسالة وسمعت الكلام في الأول وتسمع الكلام في الثاني إن شاء الله. وأنت خبير أن هذه الشبهة المقررة في غسل الأخباث قد ألجأت الكاشاني للقول بطهارة القليل جميعه، والمرتضى وابن إدريس بطهارة الوارد على النجاسة، وغيرهما غير ذلك. قال المرتضى في الناصريات على ما نقل عنه بعد قول الناصر ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه ما حاصله (إني لم أعرف لأصحابنا نصا في ذلك ولا قولا والذي يقوى في نفسي قبل أن يقع التأمل لذلك صحة ما ذهب إليه الشافعي من الفرق بين الورودين، والوجه فيه إنا لو حكمنا بنجاسة القليل الوارد على النجاسة لأدى ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بايراد كر من الماء عليه وذلك يشق، فدل على أن الماء الوارد على النجاسة لا يعتبر فيه القلة ولا الكثرة كما تعتبر فيما ترد النجاسة عليه) انتهى، وفي السرائر قال محمد بن إدريس: " ما قوي في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب وفتاوي الأصحاب به " انتهى. وربما يؤيد ما ذهب إليه المرتضى (رحمه الله) بأن أخبار القليل عدا المفهوم منها ظاهرة في غير الوارد على النجاسة. وأما المفهوم ففيه أولا منع العموم، وثانيا ما عرفت من أنه لا يقتضي سوى أن ما دون الكر ينجسه شئ ويكفي في مصداقه ما علمنا ثبوته مما كانت النجاسة واردة عليه، ويمكن أن يؤيد أيضا بخبر عمر بن يزيد المتقدم في المغتسل في مكان يبال فيه ثم ينزو من الأرض على الإناء.
قلت: ومع ذلك فالذي يقوى في نفس بطلانه. لأن الظاهر أن الذي دعى