بل كل نابع بلا خلاف أجده، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه، فضلا عن السيرة القطعية ومحكي لاجماع والأصل وغيره.
(بقي شئ) وهو أن ما اعتبر من تساوي السطوح في الراكد بالنسبة إلى عدم نجاسته بالملاقاة لا يعتبر هنا بالنسبة للجاري فلا ينجس بالملاقاة وإن اختلفت سطوحه على ما هو الظاهر من كلام الأصحاب، لصدق اسم الجاري على الجميع من غير فرق بين السافل والعالي، بل لعله كذلك حتى على ما يقوله العلامة من اشتراط الكرية وإن اعتبر ذلك في الراكد، لأنه أطلق هنا كاطلاق الأصحاب. ولعله لأنه يرى له خصوصية على الواقف وإن شاركه في نجاسة القليل، وذلك لأن الغالب في مثله عدم الاستواء فلو اعتبرت فيه المساواة على حد الواقف لزم الحكم بنجاسة الأنهار العظيمة بمجرد ملاقاة النجاسة لأوائلها التي لا تبلغ مقدار الكر. وهو معلوم الانتفاء. وصدق الجاري عليه عرفا وإن اختلفت سطوحه كالوحدة، مع احتمال أن يقال إن إطلاقه هنا مبني على تفصيله الآتي فتأمل.
(ويطهر بكثرة الماء) أي يطهر بهذا لا أنه لا يطهر بغيره، وإلا فهو يطهر بزوال التغيير ولو بتصفيق الرياح أو بوضع أجسام طاهرة أو بالقاء ماء أو نحو ذلك كما ستعرف لاتصاله بالمادة (الطاهر عليه متدافعا) من المادة (حتى يزول تغييره) سواء كان كرا أو لا على المختار، ومقتضى اشتراط العلامة الكرية في الجاري أن لا يطهر المتغير منه بما ذكرنا. بل هو إما بالقاء كر عليه أو بأن يبقى من غير المتغير مما هو متصل بالمادة مقدار كر فينزل تغيره به ونحو ذلك. ومن هنا قال في الروضة: " وجعل العلامة وجماعة الجاري كغيره في انفعاله بمجرد الملاقاة مع قلته وعدم طهره بزوال التغيير مطلقا بل بملاقاة كر. لكن قال في المنتهى: المتغير إما أن يكون جاريا أو واقفا فالجاري إنما يطهر باكثار الماء المتدافع حتى يزول التغيير لأن الحكم تابع للوصف فيزول بزواله ولأن الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه والمتغير مستهلك فيه فيطهر " وهو ظاهر المدافعة لاشتراطه