وكيف كان فالكلام يقع في المنفصل عن النجس المزيل لنجاسته أو كان بعض المزيل كما في متعدد الغسل، ولا كلام من أحد في النجاسة مع التغير، بل نقل عليها الاجماع جماعة، منهم المصنف في المعتبر والعلامة في المختلف وغيرهما، والظاهر اختصاص الحكم بالتغير بالنجاسة، فلا يدخل في البحث ما لو تغيرت بالمتنجس، إلا على ما ذهب إليه الشيخ (رحمه الله) في نجاسة الكثير بذلك، وظاهر الاطلاق مع الاقتصار على خروج المتغير حسب يقتضي عدم الفرق بين ما لو استصحب عين النجاسة أولا، نعم لو وقعت في مكان واستقرت به وكان مع ذلك فيها عين نجاسة فالظاهر النجاسة، إلا من القائل بعدم نجاسة القليل، أما لو لم تكن كذلك بأن كانت مثلا في الهواء، أو كان معها أجزاء من عين النجاسة، فأصاب انسانا قطرة خالية عن عين النجاسة إلا أنها كانت مستصحبة لها، أو للمستصحب لها فالظاهر جريان النزاع فيها، والمسألة محتاجة إلى التأمل.
إذا عرفت هذا فنقول قد اختلفت كلمات أصحابنا رضوان الله عليهم على أقوال، (الأول) الحكم بالنجاسة مطلقا من غير فرق بين المتنجسات إناء كانت أو غيره، ولا بين الغسلات في التعدد والاتحاد، وهو الذي اختاره المصنف في سائر كتبه، والعلامة في المنتهى والقواعد والتحرير والمختلف والتذكرة والشهيدان في اللمعة والروضة، ويظهر من الكركي الميل إليه، بل هو المحكي أيضا عن الاصباح والدروس والألفية وظاهر المقنع وغيرهم، بل في جامع المقاصد تارة أنه الأشهر بين المتأخرين، وأخرى العمل على المشهور بين المتأخرين، وقوفا مع الشهرة والاحتياط، وعن حاشية الميسي نقل الشهرة عليه، وعن الروض أنه أشهر الأقوال، خصوصا بين المتأخرين.
(وقيل) بالطهارة مطلقا من غير فرق بين الغسلة الأولى والثانية، وفي الإناء وغيره، بل في اللوامع أن عليه المرتضى وجل الطبقة الأولى، وفي جامع المقاصد الأشهر بين المتقدمين أنه غير رافع كالمستعمل في الكبرى، وفي الذكرى أن ابن حمزة والبصروي سويا بينه وبين رافع الأكبر، وعن المبسوط أنه قواه، واحتاط في الأول،