وفي الحدائق أن الظاهر ترتب الأثر على المداومة لا المرة والمرتين، ولعل قوله (صلى الله عليه وآله) لا تعودي من العود أو الاعتياد إيماء إلى ذلك، قلت: إن أراد بالأثر البرص وأراد عدم حصول الكراهة في المرة الواحدة والمرتين فما عرفت من كلام الأصحاب وإطلاق الرواية حجة عليه، وما ذكره من الايماء لا إيماء فيه، فإن المراد منه لا تعودي إلى الفعل وكان ذلك من جهة عدم العلم سابقا، والمراد من قوله (صلى الله عليه وآله) أنه يورث البرص أنه قد يورث، وليس ذلك من الضرر المظنون أو الخوف العرفي وإلا لحرم، بل نقول به حيث يحصل ذلك، والبحث في المراد من الكراهة في المقام مذكور في الأصول، وقد أشبعنا البحث فيه في رسالة لنا في اقتضاء النهي الفساد، والله الموفق.
(و) يكره (بماء أسخن بالنار في غسل الأموات) بلا خلاف أجده، بل في الخلاف عليه إجماع الفرقة وأخبارهم، إلا في برد لا يتمكن الغاسل من استعمال الماء البارد، أو يكون على بدنه نجاسة لا يقلعها إلا الماء الحار، كما في المدارك هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب حكاه في المنتهى، ويدل عليه مضافا إلى ذلك قول أبي جعفر (عليه السلام) (1) في صحيح زرارة: " لا يسخن الماء للميت، ولا يعجل له النار " ومرسلة عبد الله ابن المغيرة عنه وعن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " لا يقرب الميت ماء حميما " وقول الصادق (عليه السلام) (3) في خبر يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا:
" لا يسخن للميت الماء، لا تعجل له النار " وفي الوسائل محمد بن علي بن الحسين (4) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " لا يسخن الماء للميت " وروي حديث آخر (5) " إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت ما توقي منه نفسك " وفي كشف اللثام وروي عن الرضا (عليه السلام) (6) " ولا تسخن له ماء إلا أن يكون ماء باردا جدا فتوقي