وأما القول بأن الأقل متيقن والزائد مشكوك فيه فيجب نفيه بالأصل، ففيه أن غاية ما يمكن توجيهه أن الأقل متيقن اعتباره واشتراطه في عدم الانفعال والأصل إما عدم اشتراط الزائد أو براءة الذمة. وفيه أن الاشتراط إنما وقع بقوله عليه السلام:
(قدر كر) ولم نعلم ما كان مقدار الكر، فأي معنى لأصالة عدم اشتراط الزائد، وأما أصل البراءة فلا وجه له إلا ما ذكرناه سابقا، وفيه ما عرفت.
وأما قوله إن شرط الانفعال القلة، ففيه أنه قد يقال إن الأمر بالعكس فإن مقتضى قوله (عليه السلام): (إذا كان الماء) إلى آخره اشتراط عدم الانفعال بالكر، وهو غير معلوم، فيبقى ما دل على نجاسة الدم وما يلاقيه على عمومه أو اطلاقه، قصارى ما هناك خروج الكر وهو غير معلوم. فالعمدة في المقام هو ما قدمناه أولا بضميمة الشهرة، ولعلها تكون جابرة لدلالة المرسلة إن قلنا أنها تجبر الدلالة، لكن جبرها للدلالة بحيث تكون معينة لأحد معنيي المشترك أو صرف الحقيقة ونحو ذلك محل تأمل، إذ عليه يلزم عدها من المخصصات والمقيدات ونحو ذلك، ولعل التفصيل بأنها حيث تعارض ظاهر دليل كعموم واطلاق وحقيقة ونحو ذلك لا تثمر بخلاف ما لم تعارض كتعيين أحد معنيي المشترك كما في المقام لا يخلو من قوة. ومما ذكرنا يستفاد ما يصلح مؤيدا للقول بالمدني كما هو المنقول عن المرتضى وغيره فلا حاجة إلى ذكره.
(أو ما كان كل واحد من طوله وعمقه وعرضه ثلاثة أشبار ونصفا) أي ما بلغ تكسيره إلى اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر حاصلة من ضرب ثلاثة الطول مع النصف في مثلها من العرض تبلغ اثني عشر وربعا، وتضرب في مساحة العمق تبلغ المقدار المذكور، لأن الكسر متى ضرب في غيره أخذ مقداره، فالنصف مثلا يأخذ من الصحيح نصفه ومن نصفه ربعه. وقيل ما بلغ تكسيره إلى سبعة وعشرين شبرا بحذف النصف. وقيل ما بلغ تكسيره إلى مائة شبر. وهو المنقول عن ابن الجنيد، وربما ظهر من صاحب المدارك، كما هو المنقول عن المصنف أنه ما بلغ إلى ستة وثلاثين شبرا.